للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقول من قال: إن هذه الآية ناسخة للآية التي قبلها, ليس بشيء، وهذا يروى عن الحسن وعكرمة (١)، وقال أهل العلم وأصحاب المعاني: هذا غلط؛ لأن الخبر لا ينسخ (٢).

وذكر أبو إسحاق الزجاج معنى آخر لهذه الآية هو أليق بما قبلها وهو أنه قال في قوله: {وَمَا لَهُمْ أَلَّا يُعَذِّبَهُمُ اللَّهُ}: المعنى: وأي شيء لهم في ترك العذاب، أي في دفعه عنهم {وَهُمْ يَصُدُّونَ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ} (٣).

ومعنى هذا الكلام: وأي شيء لهم في ترك عذابهم، أي: إنا وإن تركنا عذابهم يكفيهم من الخسارة في حالتهم أنهم يصدون عن المسجد الحرام، وأنهم حرموا موالاة محمد - صلى الله عليه وسلم - ولو أراد الله بهم خيرًا ما فعلوا ذلك (٤).


(١) أخرجه عنهما ابن جرير ٩/ ٢٣٨، ورواه عن الحسن جمع من المفسرين منهم النحاس في: "الناسخ والمنسوخ" ٢/ ٣٨١، والثعلبي ٦/ ٥٨ ب، والبغوي ٣/ ٣٥٤.
(٢) انظر: "تفسير ابن جرير" ٩/ ٢٣٨، و"الناسخ والمنسوخ" للنحاس ٢/ ٣٨١، و"المحرر الوجيز" ٦/ ٢٨٦.
(٣) "معاني القرآن وإعرابه" ٢/ ٤١٢.
(٤) هذا فهم الواحدي لعبارة الزجاج، والذي أراه أن الزجاج لم يقصد هذا المعنى, وإنما مراده: وأي شيء يدفع عنهم العذاب وهم يصدون عن المسجد الحرام. ويدل على هذا المعنى كلامه اللاحق، فقد قال بعد تفسير الآية: فأعلم الله النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه لم يكن ليعذبهم بالعذاب الذي وقع بهم من القتل والسبي وهو بين أظهرهم، ولا ليوقع ذل العذاب بمن يؤول أمره إلى الإسلام منهم، وأعلمه أنه يدفع العذاب من جملتهم الذي أوقعه بهم. "معانى القرآن وإعرابه" ٢/ ٤١٢, فالجملة الأخيرة تفسير لقوله السابق الذي ذكره الواحدي.

<<  <  ج: ص:  >  >>