للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فيقال: إن الله تعالى يجعل أموالهم الحرام في النار ليعذبهم بها، ويوصل الآلام إليهم من جهتها كما قال تعالى: {يَوْمَ يُحْمَى عَلَيْهَا فِي نَارِ جَهَنَّمَ} [التوبة: ٣٥]، وقد ذكر الزجاج هذا بعينه وقال في قوله: {فَيَرْكُمَهُ جَمِيعًا فَيَجْعَلَهُ فِي جَهَنَّمَ} أي: يجعل ما أنفقه المشركون بعضه على بعض ويجعل ذلك عليهم في (١) النار فيعذبون به كما قال الله تعالى: {فَتُكْوَى بِهَا جِبَاهُهُمْ} [التوبة: ٣٥] الآية (٢).

قال أبو بكر: وجواب آخر وهو أن الله تعالى يدخل أموالهم جهنم (٣) لتعززهم بها وافتخارهم بجمعها وأنه لا شيء كان أجلّ عندهم منها، فأراهم هوانها عليه، والحال الدنية التي أصارها إليه، قال: ويكشفه حديث النبي - صلى الله عليه وسلم -: "إذا كانت القيامةُ تزيَّنت الدُّنيا بأحسنِ هيئتها وتزخرفت بأجملِ زخارفها وقالت: يا ربِّ هبني لوليٍّ من أوليائك، فيقول الله تعالى: أنت أقل شأنًا عندي من ذلك، ثم يأمر بها إلى النار" (٤) فيرون أنه يفعل ذلك بها ليُري المؤثرين بها قلتها عنده وهوانها عليه.

قال: واللام في قوله: {لِيَمِيزَ} متعلقة بالكلام المتقدم {فَسَيُنْفِقُونَهَا ثُمَّ تَكُونُ عَلَيْهِمْ حَسْرَةً} لكي يمييز الله الخبيث من الطيب (٥).

وقوله تعالى: {أُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ} يعني الذين كفروا وأنفقوا أموالهم في طاعة الشيطان هم الذين غبنت صفقتهم وخسرت تجارتهم أنهم اشتروا بأموالهم عذاب الله في الآخرة.


(١) ساقط من (ح).
(٢) "معاني القرآن وإعرابه" ٢/ ٤١٣.
(٣) في (س): (إلى جهنم).
(٤) لم أعثر عليه في مظانه من كتب الترغيب والترهيب والموضوعات.
(٥) لم أقف على قول أبي بكر ابن الأنباري هذا.

<<  <  ج: ص:  >  >>