للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قال صاحب النظم: قوله: {إِنْ يَنْتَهُوا} بالياء إنما جاز وحسن لأنه أمره بمخاطبة (١) قوم غيّب فقال: قل لهم ما يكون هذا معناه، ولو كان بالتاء لكان الأمر واقعًا على هذا اللفظ بعينه لأنه يكون حكاية (٢)، وقد ذكرنا مثل هذا في قوله تعالى: {قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا سَتُغْلَبُونَ وَتُحْشَرُونَ} [آل عمران: ١٢].

قال العلماء: وهذه الآية كقوله - صلى الله عليه وسلم -: "الإسلام يجب ما قبله" (٣)، وإذا أسلم الكافر الحربي لم يلزمه قضاء شيء من العبادات البدنية والمالية، وما كان له (٤) من جناية على نفس أو على مال فهو معفو عنه، وهو ساعة إسلامه كيوم ولدته أمه (٥)، وما أظرف ما قال يحيى بن معاذ (٦) في هذه الآية: إن


(١) في (ح) و (س): (مخاطبة).
(٢) انظر: "المحرر الوجيز" ٦/ ٣٠٠، ولم ينسبه.
(٣) رواه الإمام أحمد في "المسند" ٤/ ١٩٩، ٢٠٤، ٢٠٥ بلفظ: "فإن الإسلام يجب ما كان قبله" ورواه مسلم في "صحيحه" (١٩٢) كتاب الإيمان "باب: كون الإسلام يهدم ما قبله بلفظ: "إن الإسلام يهدم ما كان قبله".
(٤) من (م).
(٥) انظر: كتاب "الأم" للشافعي ٦/ ٥٤، و"شرح صحيح مسلم" للنووي ٢/ ١٣٨، و"تفسير القرطبي" ٧/ ٤٠٢، وقد ذكر أبو حيان في "البحر المحيط" ٥/ ٣١٩ الإجماع على ذلك، قلت: ويدل عليه ما رواه مسلم (١٢٠) "صحيحه" كتاب: الإيمان, باب: هل يؤاخذ بأعمال الجاهلية، عن عبد الله، قال: قلنا: يا رسول الله: أنؤاخذ بما عملنا في الجاهلية؟ قال: "من أحسن في الإسلام لم يؤاخذ بما عمل في الجاهلية"، وروى أيضًا (١٢١) كتاب: الإيمان, باب: كون الإسلام يهدم ما قبله؛ عن ابن عباس، أن ناسًا من أهل الشرك قتلوا فأكثروا، وزنوا فأكثروا ثم أتوا محمدًا - صلى الله عليه وسلم - ... إلخ، وذكر الحديث وفيه بيان لعفو الله عنهم.
(٦) هو: يحيى بن معاذ الرازي الواعظ، من كبار العباد, وأئمة الزهاد، له مواعظ مشهورة, وكلمات تجري مجرى الحكم , وكان حكيم زمانه, وواعظ عصره, =

<<  <  ج: ص:  >  >>