للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

مثل هذا الموضع إلا من (كان) , وذلك أن (كان) و (يكون) أم الأفعال، من أجل أن (١) كل فعل فيه معنى (كان) على ما تصرف منه، ففي (ضرب) معنى: كان ضربٌ، وفي (يضرب) معنى: يكون ضربٌ، فلما قويت بأنها أم الأفعال، وكثر استعمالها للحاجة إليها احتملت هذا الحذف، ولم تحتمله نظائرها، وهذا تعليل ذكره علي بن عيسى النحوي (٢)، وسنذكر تمام هذه المسألة في سورة هود عند قوله: {فَلَا تَكُ فِي مِرْيَةٍ مِمَّا يَعْبُدُ هَؤُلَاءِ} [هود: ١٠٩] إن شاء الله تعالى (٣).

قال الكلبي: إن الله تعالى أطعم أهل مكة من جوع وآمنهم من خوف وبعث إليهم محمدًا رسولاً، وكان هذا كله مما أنعم عليهم، ولم يكن يغير عليهم ذلك لو لم يغيروا هم، وتغييرهم كفرانها، وترك شكرها، فإذا غيروا ذلك غير الله ما بهم فسلبهم النعمة، وأخذهم بالعقاب (٤)، وقال السدي: نعمة الله: محمد عليه السلام أنعم به على قريش فكفروا به وكذبوه فنقله إلى الأنصار (٥).


(١) ساقط من (ح).
(٢) لم أقف على هذا القول في كتب الرماني المطبوعة، ولعله في شرحه لكتاب سيبوبه وهو لا يزال مخطوطًا , ولم أتمكن من الاطلاع عليه.
(٣) انظر: النسخة (ح): ٣/ ٤٥ ب، حيث قال: (لا تك): أصلها لا تكن، وإنما حذفت النون عند سيبويه لكثرة استعمال هذا الحرف، قال أبو إسحاق في قوله: (ولم يك من المشركين): ذكر الحيلة من البصريين أنه اجتمع فيها كثرة الاستعمال ومع ذلك أشبهت النون حروف اللين بأنه تكون علامة كما تكون حروف اللين علامة، وأنها غنة تخرج من الأنف؛ فلذلك حملت الحذف.
(٤) رواه مختصرًا الثعلبي ٦/ ٦٨ أ، وذكر السمرقندي ٢/ ٢٢ طرفًا منه.
(٥) رواه ابن جرير ١٠/ ٢٤، وابن أبي هاشم ٥/ ١٧١٨، والثعلبي ٦/ ٦٨ أ، والبغوي ٣/ ٣٦٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>