للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

في هذا يعود معناه إلى هذا القول (١)، ولقد أوجز من قال: فرق جمع كل ناقض بما تبلغ من هؤلاء (٢)، وقال مقاتل: فنكل بهم من بعدهم من العدو وأهل عهدك {لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ} النكال فلا ينقضون العهد (٣).

ومعنى نكل بهم: أي افعل بهم فعلًا ينكل غيرهم عنك بسبب ذلك الفعل خوفًا منك، وقال صاحب النظم: معنى {فَشَرِّدْ بِهِمْ مَنْ خَلْفَهُمْ} اقتلهم ليخافوك غيرهم فيتفرقوا عنك، وقوله تعالى: {لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ} معنى راجع إلى (مَنْ خَلْفَهُم)؛ لأنهم إذا قتلوا فليس لذكر قوله: {لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ} معنى، فهو منظوم بقوله: {مَنْ خَلْفَهُمْ} والتأويل: فشرد بقتلهم والإنكاء (٤) فيهم (مَنْ خَلْفَهُم) أي من بعدهم، يكن ذلك تخويفًا وعظة لهم، وهذا معنى قول ابن عباس: {لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ} لكي يتعظوا (٥).


(١) اختلاف المفسرين في ذلك الفعل إنما هو اختلاف تنوع وتمثيل، وإذا تبين لنا أن هذه الآية نزلت في بني قريظة فالأولى تفسير التشريد بما فعل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فيهم من قتل مقاتليهم وسبي ذراريهم ونسائهم؛ وذلك لأمرين:
أ- أن فعل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - امتثال لأمر ربه وهو أعلم بمراده
ب- أن سعد بن معاذ لما حكم فيهم بأن تقتل المقاتلة وأن تسبى الذرية والنساء قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "قضيت بحكم الله". رواه البخاري (٣٨٠٤) كتاب: المناقب، باب: مناقب سعد بن معاذ، ومسلم (١٧٦٨) كتاب: الجهاد، باب: جواز قتال من نقض العهد، والظاهر أن حكم الله هو المذكور في هذه الآية.
(٢) ذكره الثعلبي ٦/ ٦٨ ب دون ذكر قائله، وروى ابن جرير ١٠/ ٢٦، عن ابن زيد لفظا مقاربًا ونصه: أخفهم بما تصنع بهؤلاء.
(٣) "تفسير مقاتل" ١٢٣ ب.
(٤) الإنكاء: إكثار الجراح والقتل في العدو حتى يهن ويضعف. انظر: "لسان العرب" (نكي) ٨/ ٤٥٤٥، وفي (س): والإنكال، وهو خطأ.
(٥) رواه الفيروزأبادي في "تنوير المقباس" ص ١٨٤ بنحوه.

<<  <  ج: ص:  >  >>