للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فالحرم لا يعيذ (١) عاصيًا (٢) عندنا (٣)، وقد مضى الكلام في هذا، فأما جزائر العرب فقد قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- "لئن عشت إلى قابل لأخرجن اليهود والنصارى من جزيرة العرب" (٤)، فلا يجوز تمكين المشركين من استيطانها بعدما أجلاهم عمر -رضي الله عنه- بوصية رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، ويجوز لهم الاجتياز بشرط ألا يقيم المجتاز [في موضع] (٥) أكثر من ثلاثة أيام، هذه سنة عمر فيهم (٦). وقد أكثروا في تحديد جزيرة العرب، وقد قال الشافعي -وهو أعلم الناس بذلك-: "جزيرة العرب: مكة والمدينة واليمامة ومخاليفها" (٧).


(١) في (م): (لا يصير)، وهو خطأ.
(٢) ذهب المحققون من العلماء إلى التفريق بين الجاني في الحرم وبين الجاني في الحل ثم لاذ بالحرم فالأول يقام عليه الحد والثاني لا يقام عليه الحد؛ بل الحرم يعيذه ويحميه، قال الإمام ابن القيم في "زاد المعاد" ٣/ ٤٤٤: "وهذا قول جمهور التابعين ومن بعدهم، بل لا يحفظ عن تابعي ولا صحابي خلافه، وإليه ذهب أبو حنيفة ومن وافقه من أهل العراق، والإمام أحمد ومن وافقه من أهل الحديث، وذهب مالك والشافعي إلى أنه يستوفى منه في الحرم"، ثم ساق ابن القيم أدلة الفريقين، وفند أدلة القول المرجوح، وبين الفرق بين الجاني في الحرم واللاجيء إليه، فانظره هناك فإنه بحث قيم.
(٣) يعني الشافعية، انظر: "الأم" (٤/ ٤١٣، ٤١٤).
(٤) رواه بنحوه مسلم في (١٧٦٧)، كتاب الجهاد والسير، باب إخراج اليهود والنصارى من جزيرة العرب، وأبو داود (٣٠٣٩)، كتاب الخراج والإمارة والفيء، باب في إخراج اليهود من جزيرة العرب، والترمذي (١٦٠٦)، كتاب السير، باب في إخراج اليهود والنصارى من جزيرة العرب، وأحمد في "المسند" ١/ ٣٢.
(٥) ما بين المعقوفين ساقط من (ى).
(٦) رواه عبد الرزاق الصنعاني في المصنف، كتاب أهل الكتاب، باب لا يدخل مشرك المدينة رقم (٩٩٧٧) ٦/ ٥١، وانظر "المغني" ١٣/ ٢٤٤.
(٧) انظر: "المهذب في فقه الإمام الشافعي" ٢/ ٢٥٧، والشافعي -رحمه الله- إنما فسر بذلك الحجاز، ونص عبارته: "وإن سأل من تؤخذ منه الجزية أن يعطيها =

<<  <  ج: ص:  >  >>