للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقال أهل المعاني: "عاداهم الله" (١)، فعبر عن هذا بالمقاتلة لما بين المقاتلين (٢) من العداوة، وقال ابن الأنباري: "وهذا تعليم لنا الدعاء عليهم، معناه: قولوا إذا دعوتهم عليهم: قاتلهم الله، أي لعنهم الله" (٣)، كذا قال المفسرون في: {قَاتَلَهُمُ اللَّهُ}، والمقاتلة أصلها من المقتول أُخبر عن الله بها كانت بمعنى اللعنة؛ لأن من لعنه الله فهو بمنزلة المقتول الهالك.

وقوله تعالى: {أَنَّى يُؤْفَكُونَ} الإفك: الصرف، يقال: أُفك الرجل عن الخير أي قلب وصرف، ورجل مأفوك: أي مصروف عن الخير، يقول: كيف يصدون ويصرفون عن الحق بعد وضوح الدليل حتى يجعلوا لله الولد (٤)؟! وهذا التعجب (٥) إنما هو راجع إلى الخلق، والله لا يتعجب من شيء (٦)، ولكن هذا الخطاب على عادة العرب في مخاطباتهم، والله تعالى


(١) هذا قول ابن الأنباري كما في "تهذيب اللغة" (قتل) ٢/ ٢٨٨٤، و"زاد المسير" ٣/ ٤٢٥.
(٢) كذا في جميع النسخ، وهو يريد المتقاتلين.
(٣) لم أقف على مصدره.
(٤) في (ى): (ولدًا).
(٥) في (ى): (التعجيب)، وأثبت ما في النسخ الأخرى لأنه أسد في المعنى ولموافقته لما في "تفسير الرازي" ١٦/ ٣٦ الذي نقل تفسير الجملة عن الواحدي بلفظه دون أن يشير لذلك.
(٦) مذهب السلف إثبات العجب لله كغيره من الصفات الثابتة في الكتاب أو السنة، وإن لم تعرف كيفيتها. قال شيخ الإسلام ابن تيمية: "الفرقة الناجية -أهل السنة والجماعة- يؤمنون بذلك -يعني أحاديث الصفات- كما يؤمنون بما أخبر الله به في كتابه العزيز من غير تحريف ولا تعطيل، ومن غير تكييف ولا تمثيل".
وقال: وأما قوله -يعني النافي صفة التعجب-: "التعجب استعظام للمتعجب منه"!!. فيقال: نعم. وقد يكون بجهل بسبب التعجب، وقد يكون لما خرج عن نظائره، =

<<  <  ج: ص:  >  >>