للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قال أصحاب الحقائق (١): ليست هذه الآية على ظاهرها؛ لأن ترك الاستئذان عن (٢) الإمام في الجهاد مذموم، وهؤلاء محمودون في هذه الآية بترك الاستئذان (٣)، وهاهنا إضمار وهو أحد شيئين: أحدهما: أن يكون التقدير: لا يستأذنك هؤلاء أن يجاهدوا فحذف (لا)، والثاني: لا يستأذنك هؤلاء كراهية أن يجاهدوا (٤)، وقد ذكرنا نحو هذا في قوله تعالى: {يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ أَنْ تَضِلُّوا} [النساء: ١٧٦] وفي غيره من المواضع، والذي دل على هذا المحذوف ذم المنافقين وسياق القصة، وهو قوله: {لِمَ أَذِنْتَ لَهُمْ} إنما كان ذلك إذنًا في القعود عن الجهاد لا في الجهاد، ويدل عليه أيضًا ما بعده من قوله تعالى: {إِنَّمَا يَسْتَأْذِنُكَ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ} أي في القعود عن الجهاد.

وقال صاحب النظم: ظاهر نظم (٥) هذه الآية والتي بعدها يوهم أن الاستئذان في الجهاد مذموم، وهذا غير سائغ في المعنى؛ لأن الذم إنما وقع على من يستأذن في القعود عن الجهاد، فالتأويل: لا يستأذنك الذين يؤمنون بالله واليوم الآخر في القعود عن الجهاد، فجاء هذا النظم على سبق


=الجر قد تحذف من (أن) كما حذفت من (أنَّ)، جعلوها بمنزلة المصدر حين قلت: فعلت ذلك حذر الشر، أي لحذر الشر، ويكون مجرورًا على التفسير الآخر.
(١) أهل الحقائق عند المؤلف هنا هم أهل المعاني كابن الأنباري كما بين ذلك من قبل.
(٢) هكذا في جميع النسخ، والصواب: (من)، عبارة المؤلف في "الوسيط" ٣/ ٥٠١: .. وإلا فالاستئذان من الإمام في القعود عن الجهاد غير مذموم.
(٣) في (ي): (الإيذان).
(٤) ذكر بعض هذا القول النحاس في "إعراب القرآن" ٢/ ٢١، والرازي في "تفسيره" ١٦/ ٧٦.
(٥) ساقط من (ي).

<<  <  ج: ص:  >  >>