للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

لِمَسَاكِينَ} [الكهف: ٧٩] الآية، فوصف بالمسكنة من له سفينة من سفن البحر تساوي جملة من الدنانير (١)، وبقوله تعالى: {أَوْ إِطْعَامٌ فِي يَوْمٍ ذِي مَسْغَبَةٍ (١٤) يَتِيمًا ذَا مَقْرَبَةٍ (١٥) أَوْ مِسْكِينًا ذَا مَتْرَبَةٍ (١٦)} [البلد: ١٤ - ١٦]، ومسكين ذو متربة: هو الفقير الذي قد لصق بالتراب من شدة الفقر، والمسكين الذي ليس بذي متربة هو أحسن حالاً من الفقير؛ لأنه ذو مال، ونعت الله تعالى هذا المسكين بأنه ذو متربة يدل على أن ثم مسكينًا ليس بذي متربة يخالف المنعوت ولا يبلغ منزلته في شدة الفقر.

وأما احتجاجهم ببيت الراعي، قلنا: قد ذكر الفقير وحده وكل فقير أفردته بالاسم جاز إطلاق المسكين عليه، وكذلك إطلاق الفقير على المسكين، وإنما يتبين مقصود هذه المسألة عند الجمع بينهما وفائدة هذا الخلاف لا تبين في تفريق الصدقات، وإنما تبين في الوصايا، وهو أن رجلاً لو (٢) قال: أوصيت للفقراء بمائتين وللمساكين بخمسين وجب (٣) دفع المائتين إلى من هو أسوأ حالاً من الفريقين.

ومن الناس من سوى بين الفقير والمسكين وقال: هما واحد إلا أنه


(١) ليس في هذا دليل على ما ذكر؛ لأن العرب تطلق لفظ المسكين على الذليل الخاضع، فإن كان الذي أذله هو الفقر، كان فقيرًا مسكينًا، وإن كان الذي أذلة غير الفقر، فهو مسكين غير فقير، كما أشار إلى ذلك المؤلف، قال ابن عرفة بعد أن ذكر نحو ما سبق: "إذا كان مسكينًا قد أذله سوى الفقر فالصدقة لا تحل له، إذ كان شائعًا في اللغة أن يقال: ضرب فلان المسكين، وظلم المسكين، وهو من أهل الثروة واليسار". "لسان العرب" (فقر) ٦/ ٣٤٤٤.
(٢) ساقط من (ي).
(٣) في (ج): (يوجب).

<<  <  ج: ص:  >  >>