للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وإنما قيل ريح عاصف؛ لأنه يراد ذات عصوف، كما قيل لابن، وتامر (١)، أو لأن لفظ الريح مذكر (٢).

وقوله تعالى: {وَجَاءَهُمُ الْمَوْجُ مِنْ كُلِّ مَكَانٍ}، الموج ما ارتفع من الماء فوق الماء، {وَظَنُّوا أَنَّهُمْ أُحِيطَ بِهِمْ}، قال أبو عبيدة والقتيبي: أي دنوا من الهلاك (٣)، وأصل هذا أن العدو إذا أحاط بقوم أو بلد فقد دنوا من الهلاك، وذكرنا ما في هذا عند قوله: {وَأَحَاطَتْ بِهِ خَطِيئَتُهُ} (٤) [البقرة: ٨١].

وقوله تعالى: {دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ}، قال ابن عباس: يريد تركوا الشرك فلم يشركوا به من آلهتهم شيئًا، وأخلصوا لله الربوبية والوحدانية (٥)، وقالوا: {لَئِنْ أَنْجَيْتَنَا مِنْ هَذِهِ} أي: من هذه الريح


(١) في "لسان العرب" (تمر) ١/ ٤٤٥: يقال: رجل تأمر ولابن: أي ذو تمر وذو لبن.
(٢) قال ابن الأنباري: الريح من الرياح مؤنثة، والريح: الأرَج والنشر -وهما حركتا الريح- مذكر، أنشدنا أبو العباس، عن سلمة، عن الفراء، قال: أنشدني بعض بني أسد:
كم من جراب عظيم جئت تحمله ... ودهنة ريحها يغطي على التفل
قال: أنشدنيه عدة من بني أسد كلهم يقول: يغطي، فيذكرونه على معنى النشر، ويجوز أن يكون ذكَّروه إذ كانت الريح لا علامة فيها للتأنيث موجودة. "المذكر والمؤنث" ١/ ٢٥٧، وانظر: "اللسان" (روح) فقد نص على أن الريح مؤنثة.
(٣) "مجاز القرآن" ١/ ٢٧٧، "تفسير غريب القرآن" ص ٢٠٢.
(٤) قال هناك ما نصه: ويكون المعنى في (أحاطت به خطيئته) أهلكته، من قوله: {لَتَأْتُنَّنِي بِهِ إِلَّا أَنْ يُحَاطَ بِكُمْ}، وقوله: {وَظَنُّوا أَنَّهُمْ أُحِيطَ بِهِمْ}، قال ابن السراج: أحاطت به خطيئته: أي. سدت عليه مسالك النجاة.
(٥) "زاد المسير" ٤/ ٢٠، "الوسيط" ٢/ ٥٤٣، "مفاتيح الغيب" ١٧/ ٧٣، "البحر المحيط" ٥/ ١٣٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>