للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وأنت كسّبتني دخول النار بما علمتنيه وزينته لي، فهذا تعارف توبيخ وتعنيف، وتباعد وتقاطع، لا تعارف عطف وإشفاق، ومن هذه الجهة وافق قوله: {وَلَا يَسْأَلُ حَمِيمٌ حَمِيمًا} [المعارج: ١٠]، يريد لا يسأله سؤال رحمة وعطف. هذا كلامه (١)، والمفسرون حملوا الآيتين على حالتين فقالوا: يتعارفون إذا بعثوا ثم تنقطع المعرفة، فلذلك لا يسأل حميم حميمًا (٢)، وقال أبو علي: معنى {يَتَعَارَفُونَ} يحتمل أمرين؛ أحدهما: أن يكون المعنى يتعارفون مدة إماتتهم التي وقع حشرهم بعدها، وحذف المفعول للدلالة عليها (٣) كما حذف في مواضع كثيرة، وعدي (تفاعل) (٤) كما عدي فيما أنشد أبو عبيدة (٥):

تخاطأت (٦) النبل أحشاءه


(١) ذكره بنحوه الرازي في "تفسيره" ١٧/ ١٠٤ - ١٠٥، وابن الجوزي في "زاد المسير" ٤/ ٣٦ دون نسبة.
(٢) انظر: "تفسير ابن جرير" ١١/ ١٢٠، والسمرقندي ٢/ ١٠٠، والماوردي ٢/ ٤٣٧، والثعلبي ٧/ ١٦ ب، والبغوي ٤/ ١٣٥، والرازي ١٧/ ١٠٥.
(٣) هكذا في جميع النسخ، والضمير يعود إلى (مدة) إذ هي المفعول، وفي "الحجة" عليه، ومعنى (يتعارفون مدة إماتتهم) أي: يسأل بعضهم بعضًا كم لبثتم في القبور.
(٤) يعني وزن: تعارف.
(٥) "مجاز القرآن" ٢/ ٥، ونسبه إلى أوفى بن مطر المازني، وهو صدر بيت عجزه:
وأُخِّر يومي فلم يُعجل
وانظر: "سمط اللآلي" ١/ ٤٦٥، "شرح أبيات المغني" ٧/ ٤١، "اللسان" (خطأ) ٢/ ١١٩٣.
(٦) في (ح) و (ز) و (ص): (تخطأت)، وهو موافق لرواية "لسان العرب"، وما أثبته من (ى) و (م) موافق لرواية أبي عبيدة في "مجاز القرآن" وبقية المصادر، ومعنى تخاطأت: أخطأت، كما في "شرح أبيات المغني"، الموضع السابق.

<<  <  ج: ص:  >  >>