للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وذكر المفضل، عن الأصمعي وغيره: أسر بمعنى أظهر (١)، واختار المفضل الإظهار، وقال: ليس ذلك اليوم يوم تكبُّر ولا تصبُّر (٢).

ومعنى الندامة: الحسرة على ما كان يتمنى أنه لم يكن، والتأسف علي ما وقع منه، ويود أنه لم يكن أوقعها، هذا معنى الندامة والندم، فأما أصله فإن (٣) موضوعه (٤) اللزوم، ومنه سمي النديم؛ لأنه يلازم المجلس (٥)، ويقوي هذا قولهم: نادم وسادم، والسَّدَم (٦): اللهج بالشيء، وقالوا للرجل: ندم وسدم إذا اهتم بالشيء الفائت؛ لأن هذا الهمّ ألزم للقلب من الهمّ العارض للشيء الحادث؛ فإن هذا يزول بزوال ما حدث، والفائت لا سبيل إلى رده، فاستعملوا فيه الندم والسدم.

ويقوي هذا المذهب أيضًا أن أصحاب القلب (٧) ذكروا أن الندم قلب


= وكان يقول -يعني أبا عبيدة- في هذه الآية: {وَأَسَرُّوا النَّدَامَةَ لَمَّا رَأَوُا الْعَذَابَ} أظهرها، ولا أثق بقوله في هذا، والله أعلم، وقد زعموا أن الفرزدق قال .. ، وذكر البيت ثم قال: ولا أثق أيضًا بقول الفرزدق في القرآن، ولا أدري لعله قال: الذي كان أظهرا، أي كتم ما كان عليه، والفرزدق كثير التخليط في شعره .. ، فلا أثق به في القرآن. كتاب "الأضداد" له ص ١١٥، وقال الأزهري: وأهل اللغة أنكروا قول أبي عبيدة أشد الإنكار، "لسان العرب" (سرر) ٤/ ١٩٨٩.
(١) انظر قول الأصمعي في كتابه: "الأضداد" ص ٢١.
(٢) انظر: "زاد المسير" ٤/ ٣٩، "الوسيط" ٢/ ٥٥٠.
(٣) في (م): (بأن).
(٤) في (ح) و (ز): (ممنوعة).
(٥) في (ى): (المسجد).
(٦) في "مختار الصحاح": (سدم) السَّدَم -بفتحتين- الندم والحزن، وبابه: طَرِب، ورجل سادم نادم، وسلمان ندمان، وقيل: هو إتباع.
(٧) يعني علماء اللغة الذين لهم عناية بالكلمات المقلوبة، قال ابن منظور: يقال: =

<<  <  ج: ص:  >  >>