قلت: ويمكن أن يضاف إلى ما ذكره الحافظ وجهان آخران: الأول: أن الملِائكة عالم غيبي مفطور على الطاعة ومعصوم من المعصية: {لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ} [التحريم: ٦]، ولذا فلا ينبغي أن تنزل أفعال الملائكة منزلة أفعال الثقلين في الحكم، لاختلاف الطبيعة والتكليف والجزاء. الثاني: أن الملائكة لا تنزل إلا بأمر الله، ولا تفعل إلا بإذنه كما قال تعالى: {وَمَا نَتَنَزَّلُ إِلَّا بِأَمْرِ رَبِّكَ} [مريم: ١٦٤]، وقال -عز وجل-: {لَا يَسْبِقُونَهُ بِالْقَوْلِ وَهُمْ بِأَمْرِهِ يَعْمَلُونَ} [الأنبياء: ٢٧]، ولذا ينبغي أن يحمل فعل جبريل -عليه السلام- على أنه بأمر الله وإذنه فلا يكون جهلاً ولا رضي بكفر، بل هو كسجود الملائكة لآدم -عليه وعليهم السلام - والله تعالى يفعل بالأسباب كما يفعل بددونها، فإذا لم يرد الله شيئًا منع أسبابه، وبما أن الدعاء وإظهار الإخلاص سبب الرحمة فقد أرسل الله جبريل لمنع هذا السبب الذي يقتضي مسببه عادة بإذن الله.