للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقال ابن قتيبة: الناس كانوا في عصر النبي - صلى الله عليه وسلم - أصنافًا؛ منهم كافر به مكذب لا يرى إلا أن ما جاء به الباطل، وآخر: مؤمن به مصدق يعلم أن ما جاء به الحق، وشاك في الأمر لا يدري كيف هو، فهو يقدم رجلاً ويؤخر رجلاً، فخاطب الله هذا الصنف من الناس فقال: فإن كنت أيها الإنسان (١) في شك مما أنزلنا إليك من الهدى على لسان محمد - صلى الله عليه وسلم - فأسأل، قال: ووحد وهو يريد الجمع، كما قال: {يَا أَيُّهَا الْإِنْسَانُ مَا غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ} [الانفطار: ٦]، و {أَيُّهَا الْإِنْسَانُ إِنَّكَ كَادِحٌ} [الانشقاق: ٦]، {فَإِذَا (٢) مَسَّ الْإِنْسَانَ ضُرٌّ} [الزمر: ٤٩]، ولم يرد في جميع هذا (٣) إنسانًا بعينه إنما هو لجماعة الناس، قال: وهذا وإن كان جائزًا حسنًا، فإن المذهب الأول (٤) أعجب إليّ؛ لأن الكلام اتصل حتى قال: {أَفَأَنْتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّى يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ} [يونس: ٩٩]، وهذا لا يجوز أن يكون إلا لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - (٥)، فجعل ابن قتيبة (٦) هذا الذي ذكره جوابًا آخر، ثم (٧) اعترض عليه بما ذكر، والأولى أن يقال: الخطاب للنبي - صلى الله عليه وسلم - والمراد به هذا الصنف الشاك الذي ذكره ابن قتيبة، فيكون هذا تأكيدًا وبيانًا للقول الأول، ويسقط ذلك الاعتراض الذي ذكر. وذكروا في هذه الآية أقوالًا متكلفة بعيدة فلم


(١) في (ى): (الناس)، وهو خطأ.
(٢) في (م): (وإذا)، وهو صواب موافق للآية ٨ من سورة الزمر.
(٣) في (ى): (هذا الجميع).
(٤) "الوسيط" ٢/ ٥٥٩، ومعناه في "تنوير المقباس" ص ٢١٩.
(٥) يعني أن الخطاب للرسول - صلى الله عليه وسلم - والمراد غيره.
(٦) "تأويل مشكل القرآن" ص ٢٦٩ - ٢٧٤ باخصار.
(٧) ساقط من (ح) و (ز).

<<  <  ج: ص:  >  >>