للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قال الأزهري: الناصية عند العرب: منبت الشعر في مقدمة الرأس، ويسمى الشعر الثابت هناك: ناصية باسم منبته؛ يقال: نصوت الرجل أنصوه، إذا مددت ناصيته. وناصيته إذا جاذبته وأخذ كل واحد منكما بناصية صاحبه، ومنه قول عمرو بن معدي كرب (١):

أعباسُ لو كانت شيارًا جيادُنا ... بتثليثَ ما ناصيتَ بعدي الأحامسا

ومعنى {إِلَّا هُوَ آخِذٌ بِنَاصِيَتِهَا} أي: هي في قبضته وتنالها بما شاء قدرته.

قال أبو إسحاق (٢)، وهذا معنى هذا الكلام، وإن اختلفت العبارات في تفسيره، والأصل فيه ما ذكره ابن جرير (٣) فقال: العرب إذا وصفت إنسانًا بالذلة والخضوع قالوا: (ما ناصية فلان إلا بيد فلان)، أي أنه: مطيع له يصرفه كيف شاء؛ لأن من أخذت بناصيته فقد قهرته، وكانوا إذا أسروا الأسير فأرادوا إطلاقه والمن عليه، جزوا ناصيته ليعتدوا بذلك فخرا عليه، ويكون علامة لقهره (٤) إياه، فخوطبوا بما يعرفون في كلامهم، وأخبروا أن


(١) هو: أبو ثور الزبيدي من مذحج باليمن، من فرسان العرب المشهورين، أدرك الإسلام ووفد على النبي - صلى الله عليه وسلم - وأسلم ثم ارتد ثم أسلم واستشهد في فتح نهاوند سنة ٢١ هـ. انظر: "الشعر والشعراء" ٢٣٥، "معجم الشعراء" ٢٠٨، "الإصابة" ٤/ ١٨. والبيت في "ديوانه" ١٢٥، و"ديوان الأدب" ٣/ ٣٧٥، و"تاج العروس" (حمس) ٨/ ٢٤٩. والبيت في "اللسان" (شور) ٤/ ٢٣٥٧، وفي "تهذيب اللغة" ٤/ ٣٥٨٠ (نصا). وشيار أي: سمان حسان يقال: جاءت الإبل شيارًا أي: سمانًا حسانًا.
(٢) لعل العبارة (قاله أبو إسحاق) وهي في "معاني القرآن وإعرابه" ٣/ ٥٨، ونصها: "أي هي في قبضته، وتنالها بما تشاء قدرته".
(٣) الطبري ١٢/ ٦٠ بتصرف، ولعله نقله عن الثعلبي ٧/ ٤٦ أ.
(٤) كذا في النسخ ولعل الصواب: (لقهرهم).

<<  <  ج: ص:  >  >>