للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

عذابنا، وعلى هذا يكون الأمر نفس الإهلاك.

وقال آخرون (١): يعني: جاء أمرنا الملائكة بالعذاب. {جَعَلْنَا عَالِيَهَا سَافِلَهَا}، قال ابن عباس وعامة المفسرين (٢): أدخل جبريل جناحه الواحد تحت مدائن قوم لوط حتى قلعها وصعد بها إلى السماء حتى سمع أهل السماء نهيق الحمير، ونباح الكلاب، وصياح الديوك، لم ينكفئ لهم جرة، ولا ينكسر لهم إناء، ثم غشاها بالجناح الآخر بالحجارة، فذلك قوله تعالى: {وَالْمُؤْتَفِكَةَ أَهْوَى} [النجم: ٥٣]، يريد: أهوى بها جبريل {فَغَشَّاهَا مَا غَشَّى} [النجم: ٥٤]، يريد غشاها جبريل بالحجرة وكانت خمس مدائن فدمرت وقلبت ظهرًا لبطن إلا (زغر) (٣) وحدها تركها الله فضالا منه لعيال لوط، والكناية {عَالِيَهَا} تعود إلى المؤتفكة والمؤتفكات وهي مذكورة في موضع من القرآن وإن لم تذكر هنا، فإذا ذكرت قصتهم وأعيدت الكناية إليها عرف ذلك ويستغنى عن إعادتها.

وقوله تعالى: {وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهَا}، الإمطار: إحدار المطر من السماء، وأنزلت الحجارة على هؤلاء بدل المطر، والكناية في عليها يجوز أن تعود على القرية (٤) كما عادت في {عَالِيَهَا}، ويجوز أن تعود على قوم لوط؛ لأن العرب تُعيد الهاء والألف على جميع الذكران إذا كان غير مختص


(١) الطبري ١٢/ ٨٩، "زاد المسير" ٤/ ١٤٣.
(٢) الثعلبي ٧/ ٥٢ ب، البغوي ٤/ ١٩٣، ابن عطية ٧/ ٣٦٩، "زاد المسير" ٤/ ١٤٣، القرطبي ٩/ ٨١.
(٣) زُغَر بوزن: زُفَر، قرية بمشارف الشام، وقيل: زُغَر اسم بنت لوط -عليه السلام-، نزلت بهذه القرية فسميت باسمها. انظر: "معجم البلدان" ٣/ ١٤٢، ١٤٣.
(٤) في (ي): (قوم لوط).

<<  <  ج: ص:  >  >>