للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقال آخر (١):

يا أبتا ويا أبه ... خَشَنْتَ إلا الرقبة

فلما كثرت هذه الكلمة في كلامهم هذه الكثرة ألزموها القلب والحذف، على أن أبا عثمان قَدّر (٢) هذا مطردًا في جميع هذا الباب، فأجازوا وضع الألف مكان الياء في الإضافة في النداء إجازة مطردة، فأجاز: يا زيدًا أقبل، إذا أردت الإضافة، وهذا الوجه الثاني في فتح التاء من (يا أبت) هو اختيار الزجاج (٣) وهو مذهب البصريين.

قال ابن الأنباري: وهذا غلط؛ لأن مبناه على لغة شاذة، وهو على لغة مَنْ يقول: قام غلاما، وهذا ثوبَا، يعني غلامي وثوبي، وكقراءة من قرأ: (وأقم الصلاة لذكرا) (٤) أي لذكري، ولا يحمل كتاب الله على هذه اللغة، والعلة في فتح التاء أنهم أرادوا: (يا أبتاه) فأسقطوا الألف والهاء، وأقروا ما قبلها على الفتح، اختصاصًا لما أكثروا استعمال (٥) الحرف، وهذا أيضًا قول قطرب، وأنكر البصريون هذا، قال الزجاج (يا أبتاه) للندبه، والندبة هاهنا لا معنى لها، وقال أبو عثمان: من قال: يا أبتاه، فهو نداء على جهة الندبة، فإذا حذفت الألف والهاء صار نداءً على غير جهة الندبة فلا يجوز فتح التاء، وذكر قطرب قولًا آخر في فتح التاء وهو أنه قال: أراد يا أبةً، ثم حذف التنوين كما قال الطرماح:


(١) الرجز لجارية من العرب تخاطب أباها، و"جمهرة اللغة" ١/ ١٧٦، و"مقاييس اللغة" ٢/ ٢٧، و"اللسان" ١/ ٥٣٣.
(٢) في "الحجة" ٤/ ٣٩٢ (قد رأى أن ذلك مطردًا).
(٣) "معاني القرآن وإعرابه" ٣/ ٨٩.
(٤) طه: ١٤.
(٥) في (ب): (الاستعمال).

<<  <  ج: ص:  >  >>