للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وتسابقا، إذا فعلا ذلك لتبيين أيهما أسبق سهمًا، ويدل على صحة هذا التفسير ما روي أن في قراءة عبد الله {إنا ذهبنا ننتصل} (١).

وقال السدي (٢) ومقاتل (٣): نستبق: نشتد ونعَدو لنتبين أينا أسرع عَدْوًا، فإن قيل كيف جاز لهم أن يستبقوا وهم رجال بالغون، وهذا من فعل الصبيان؟

فالجواب ما ذكره صاحب النظم، وهو أن الاستباق فيهم كان مثل السباق في الخيل والنصال عندنا، وكانوا يُحْزنُون بذلك أنفسهم ويدربونها على العَدْو؛ لأنه كالآلة لهم في محاربة العدو، ومدافعة الذئب إذا رام ماشيتهم (٤).

وقوله تعالى: {وَتَرَكْنَا يُوسُفَ عِنْدَ مَتَاعِنَا} قال ابن عباس (٥): يريد ثيابهم {فَأَكَلَهُ الذِّئْبُ وَمَا أَنْتَ بِمُؤْمِنٍ لَنَا}، قال عامة المفسرين (٦) وأصحاب المعاني (٧): مصدق لنا، وذكرنا تحقيق هذا في أول سورة البقرة (٨).


(١) الثعلبي ٧/ ٦٦ ب، القرطبي ٩/ ١٤٥.
(٢) "زاد المسير" ٤/ ١٩٢، الرازي ١٨/ ١٠١.
(٣) ذكره الثعلبي بقوله ابن حيان ٧/ ٦٧ أ.
(٤) الرازي ١٨/ ١٠١، القرطبي ٩/ ١٤٥.
(٥) البغوي ٤/ ٢٢٢، و"زاد المسير" ٤/ ١٩٢.
(٦) الطبري ١٢/ ١٦٢، الثعلبي ٧/ ٦٧ أ، البغوي ٤/ ٢٢٢، "زاد المسير" ٤/ ١٩٢،
القرطبي ٩/ ١٤٨.
(٧) "معاني القرآن وإعربه" ٣/ ٩٦، و"مجاز القرآن" لأبي عبيدة ١/ ٣٠٣، و"مشكل القرآن وغريبه" لابن قتيبة ١/ ٢١٧.
(٨) ذكر عند قوله تعالى {الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ} [البقرة: ٣] أقوال العلماء في أن الإيمان بمعنى التصديق: ونقل عن الأزهري حكايته اتفاق العلماء على هذا المعنى، وشرح دلالة اللفظ عليه مع الاستشهاد بأقوال أهل اللغة، ثم قال: والقول في معنى الإيمان ما قاله الأزهري.
قلت: إن كان المقصود أن ذلك في اللغة، فالأمر فيه واسع وهو محل خلاف، وإن كان المقصود المعنى الشرعي فهو مردود، والإيمان عند علماء السلف: تصديق القلب ونطق اللسان وعمل الجوارح. انظر: "شرح العقيدة الطحاوية" ص٣٨١، ٣٨٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>