للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قال ابن الأنباري: وقع النداء في اللفظ بالبشرى، وهو في المعنى واقع لغيرها، تأويله: يا هؤلاء تنبهوا لبشراي. وهذا معنى قول أبي إسحاق (١)، ومعنى النداء في هذه الأشياء التي لا تجيب تنبيه المخاطبين، وتوكيد القصة إذا قلت: يا عجباه، فكأنك قلت: اعجبوا، وذكر وجهًا آخر، وهو أن يكون المعنى: يا أيتها البشرى هذا من إيانك وأوانك، وزاد أبو علي (٢) لهذا الوجه بيانًا، فقال: المعنى فيه أن هذا من أوانك ولو كنت ممن يخاطب لخوطبت الآن، وهذا في كل منادى لا يجيب ولا يعقل.

وقرأ أهل (٣) الكوفة {يَا بُشْرَى} من غير إضافة، وهذه القراءة كالأولى في أنه نداءٌ لمن لا يجيب، إلا أن هذا نداءٌ غير مضاف فيكون رفعًا، قال السدي (٤): نادى المدلي صاحبه وكان اسمه بشرى، فقال: يا بشراي، كما تقول: يا زيد.

وروي عن الأعمش (٥) أنه قال: دعا امرأة اسمها بشرى.

قال أبو علي (٦): من جعل البشرى اسمًا للبشارة وهو الوجه، جاز أن يكون في محل الرفع مثل: يا رجل، لاختصاصه بالنداء، وجاز أن يكون في موضع نصب على أن يجعله نداءً شائعًا في جنس البشرى ولم يخص كما


(١) "معاني القرآن وإعرابه" ٣/ ٩٧.
(٢) "الحجة" ٤/ ٤١٢.
(٣) "السبعة" ص ٣٤٦، و"النشر" ٣/ ١٢٤، و"إبراز المعاني" ص ٥٣٣، و"إتحاف" ص ٢٦٣.
(٤) الطبري ١٢/ ١٦٧ - ١٦٨، وابن أبي حاتم ٧/ ٢١١٣أ، وابن المنذر وأبو الشيخ كما في "الدر" ٤/ ١٧، و"زاد المسير" ٤/ ١٩٤، والقرطبي ٩/ ١٥٣.
(٥) الرازي ١٨/ ١٠٦، و"زاد المسير" ٤/ ١٩٤.
(٦) "الحجة" ٤/ ٤١١.

<<  <  ج: ص:  >  >>