للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

النفس ووسوسة الشيطان، فكان هامًا غير عازم، فلم يلزمه هذا الهم ذنبًا، ولم يلحقه عتبًا، إذ الرجل الصالح يخطر بقلبه وهو صائم شرب الماء البارد، والتلذذ بأكل الطعام الطيب، فإذا لم الهمّ لم يوجب معصية، فبرهان ربه عن أي شيء صرفه؟ قيل: إنه وإن لم يوجب معصية، فالنبيون والصديقون يعاتبون على الخطرة واللمحة والوسوسة، وبرهان ربه صرفه عن الإقامة على (١) الشيء الذي التمادي فيه يؤدي إلى اكتساب ما يوجب عقوبة، فهذه طريقة.

وقال آخرون (٢): الآية محمولة على التقديم والتأخير، وتلخيصها: ولقد همت به لولا أن رأى برهان ربه لهم بها، فقدم جواب لولا عليها، كما يقال: قد كنت من الهالكين لولا أن فلانًا خَلّصك، ومثله قول الشاعر (٣):

فلا يَدْعُنِي قَوْمي صَرِيحًا لحُرَّةٍ ... لئن كنتُ مقتولًا ويَسْلَمُ عامرُ

فقدم جواب لئن، قال أبو إسحاق (٤): وليس بكثير في الكلام أن تقول: ضربتك لولا زيد، ولا هممت بك لولا زيد، إنما الكلام: لولا زيد لهممت بك، ولولا تجاب باللام، فلو كان في القراءة: ولقد همت به ولهم بها لولا أن رأى برهان ربه، لكان يجوز على بعد.


(١) في (ج): (عن).
(٢) الثعلبي ٧/ ٧٢ ب، البغوي ٤/ ٢٢٩، "زاد المسير" ٤/ ٢٠٥.
(٣) القائل قيس بن زهير، في سيبويه والشنتمري ١/ ٤٢٧، و"الرد على النحاة" (١٥٠)، و"الدر" ٢/ ١٠، وهو الورقاء بن زهير في ابن السيرافي ص ٥٨٦، وبلا نسبة في "معاني القرآن" ١/ ٦٧، و"الهمع" ٢/ ١٦، و"أمالي المرتضي" ١/ ٤٨٠.
(٤) "معاني القرآن وإعرابه" ٣/ ١٠١.

<<  <  ج: ص:  >  >>