للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أحدهما مقتول دعاهما إلى حظهما من ربهما، وإلى نصيبهما من الآخرة.

وقال آخرون (١): قصد يوسف بهذا الدلالة على أنه عالم بتفسير الرؤيا، فقال: لا يأتيكما طعام ترزقانه في منامكما، قال ابن عباس (٢): يريد تأكلان منه، إلا نبأتكما بتأويله في اليقظة قبل أن يأتيكما التأويل، هذا قول السدي (٣) وابن إسحاق (٤) أن معنى قوله: {لَا يَأْتِيكُمَا طَعَامٌ تُرْزَقَانِهِ} أي في المنام.

وقال أبو إسحاق (٥): أحب يوسف أن يدعوهما إلى الإيمان، وأن يعلمهم أنه نبي، وأن يدلهما على نبوته بآية معجزة، وأعلمهما أنه يخبرهما بكل طعام يؤتيان به من قبل أن يرياه، فعلى هذا معنى قوله {تُرْزَقَانِهِ} في اليقظة، يقول: لا يأتيكما طعام إلا أخبرتكما، أي طعام هو، وأي لون هو، وكم هو، وهذا مذهب ابن جريج (٦)، والأول أوجه، لأن قوله: {نَبَّأْتُكُمَا بِتَأْوِيلِهِ} يوجب أن يكون ذلك إعلامًا بتأويل ما تريان في النوم، ثم أعلمهما أن ذلك مما عرفه الله إياه، فقال: {ذَلِكُمَا مِمَّا عَلَّمَنِي رَبِّي} أي لم أخبركما على جهة التكهن والتنجم، وإنما أخبركما بوحي من الله وعلم، ثم أعلمهما أن هذا لا يكون إلا لمؤمن بالله نبي، فقال {إِنِّي تَرَكْتُ مِلَّةَ قَوْمٍ


(١) أخرجه أبو عبيد، والطبري ١٢/ ٢١٧ وابن المنذر، وابن أبي حاتم ٧/ ٢١٤٤، عن ابن جريج كما في "الدر" ٤/ ٣٤.
(٢) "زاد المسير" ٤/ ٢٢٤، الثعلبي ٧/ ٨٣ أ.
(٣) الطبري ١٢/ ٢١٧، ابن عطية ٧/ ٥٠٩، القرطبي ٩/ ١٩١، ابن أبي حاتم ٧/ ٢١٤٤.
(٤) الطبري ١٢/ ٢١٧، ابن عطية ٧/ ٥٠٩.
(٥) "معاني القرآن وإعرابه" ٣/ ١١٠.
(٦) الطبري ١٢/ ٢١٧ بمعناه، وأبو عبيد وابن المنذر وابن أبي حاتم كما في "الدر" ٤/ ٣٤ وابن عطية ٧/ ٥١٠، وهو مروي عن الحسن كما في "زاد المسير" ٤/ ٢٢٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>