للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ابن دريد (١): العجف غلظ العظام وعراؤها من اللحم.

وقوله تعالى: {أَفْتُونِي} ذكرنا معنى الإفتاء والاستفتاء في سورة النساء (٢).

وقوله تعالى: {إِنْ كُنْتُمْ لِلرُّؤْيَا تَعْبُرُونَ}، يقال: عبرت الرؤيا أعبرها عبرًا وعبارة، وعبرتها تعبيرًا إذا فسرتها، وحكى الأزهري (٣): أن هذا مأخوذ من العبر وهو جانب النهر، ومعنى عبرت النهر والطريق، قطعته إلى الجانب الآخر، فقيل لعابر الرؤيا عابر؛ لأنه يتأمل ناحيتي الرؤيا فيتفكر في أطرافها، ويمضي تفكره فيها من أول ما يرى النائم إلى آخر ما رأى، حتى يقع فهمه على الصحيح منها فيجيب، فأما اللام في قوله {لِلرُّؤْيَا} فقال أحمد بن يحيى (٤): أراد إن كنتم للرؤيا عابرين، وإن كنتم عابرين للرؤيا، تسمّى هذه اللام لام التعقيب، لأنها عقبت الإضافة، لأن المعنى: إن كنتم عابري الرؤيا.

وقال ابن الأنباري (٥): دخلت اللام مؤكدة مفيدة معنى التأكيد، وقيل: إنها أفادت معنى إلى، وكأن تلخيصها: إن كنتم توجهون العبارة إلى الرؤيا، والعرب تقول: هو لزيد ضارب، يعنون: هو يوجه ضربه إلى زيد،


(١) "تهذيب اللغة" (عجف) ٣/ ٢٣٤٠، وابن دريد هو: محمد بن الحسن بن دريد بن عتاهية، من الأزد، انتهى إليه علم لغة البصريين، كان من أحفظ الناس، توفي سنة ٣٢١ هـ. انظر: "معجم الأدباء" ١٨/ ١٢٩، و"طبقات النحويين" للزبيدي (ص ٢٠٢)، و"نزهة الألباء" (٣٢٣).
(٢) عند قوله تعالى: {وَيَسْتَفْتُونَكَ فِي النِّسَاءِ} [آية: ١٢٧].
(٣) "تهذيب اللغة" (عبر) ٣/ ٢٣٠٥.
(٤) "تهذيب اللغة" (عبر) ٣/ ٢٣٠٤.
(٥) "زاد المسير" ٤/ ٢٣٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>