للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقوله تعالى: {حَيْثُ يَشَاءُ} يحتمل أمرين: أحدهما: أن يكون في موضع نصب بأنه ظرف، والآخر: في موضع نصب بأنه مفعول به، ودل على هذا الوجه قول الشماخ (١):

يَرْمِي حَيْثُ تُكْوَى النَّواحِزُ (٢)

وقد مرّ. واختلف القراء (٣) في قوله {حَيْثُ يَشَاءُ} فعامة القراء قرأوا بالياء كقوله: {يَتَبَوَّأُ}، كقوله: {وَأَوْرَثَنَا الْأَرْضَ نَتَبَوَّأُ مِنَ الْجَنَّةِ حَيْثُ نَشَاءُ} وكما أن قوله (نشاء) في هذه الآية وفق فعل المتبؤ كذلك قوله: {حَيْثُ يَشَاءُ} وفق لقوله: "يتبوأ" في إسناده إلى الغيبة. وقرأ ابن كثير (نشاء) بالنون وذلك أن مشيئة يوسف لما كانت (٤) بمشيئة الله تعالى وإقداره عليها، جاز أن تنسب إلى الله تعالى وإن كان في المعنى ليوسف، وعلى هذا معنى هذه القراءة كمعنى قراءة العامة، ويقوي هذه القراءة أن الفعل


(١) جزء من عجز بيت، وتمامه:
وحلأها عن ذي الأراكة عامر ... أخو الخُضْر يرمي حيث تكوى النواحر
حلأها: منعها الماء، والضمير للحمر، وعامر أخو الخضر: قانص مشهور، ذو الأراكة: نخل بموضع من اليمامة لبني عجل، النواحز: التي بها نحاز فتكوى في جنوبها وأصول أعناقها فتشفى، ويروى: حزاحز، والجزائز. و"ديوانه" ١٨٢، و"جمهرة أشعار العرب" ص ٢٩٧، و"المعاني الكبير" ٧٨٣، و"الأزمنة" ١/ ١٠٦، و"تاج العروس" (خفر) ٦/ ٣٥٤، و"تهذيب اللغة" ١/ ١٠٤٤ (خضر) "اللسان" ٢/ ١١٨٢.
(٢) ما سبق في ابن عطية ٨/ ٩.
(٣) قرأ ابن كثير وحده: {يتبوأ منها حيث نشاء} بالنون، وقرأ الباقون بالياء، انظر: "السبعة" ص ٣٤٩، و"إتحاف" ص ٢٦٦، وابن عطية ٨/ ٨، والثعلبي ٧/ ٩١ أ، و"البحر المحيط" ٥/ ٣٢٠.
(٤) في (ج): (كان).

<<  <  ج: ص:  >  >>