للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقوله تعالى: {اجْعَلُوا بِضَاعَتَهُمْ فِي رِحَالِهِمْ} قال ابن عباس في رواية عطاء (١): يريد الدراهم والدنانير التي جاءوا بها في أوعيتهم، وروى الضحاك عنه (٢) قال: كانت بضاعتهم النعال والأدم.

وقال قتادة (٣): "بضاعتهم" يريد أوراقهم. وأما الرحال فقد فسرها ابن عباس بالأوعية، قال أبو عبيد (٤): الرحل بجميع ربضه وحقبه وحلسه وجميع أغراضه، وعلى هذا الرحل كل شيء معد للرحيل من وعاء للمتاع ومركب للبعير وحلس ورسن كما ذكر أبو عبيد، والرحل أيضًا مسكن الرجل، ويقال: فلان خصيب الرحل (٥).

وقوله تعالى: {لَعَلَّهُمْ يَعْرِفُونَهَا إِذَا انْقَلَبُوا إِلَى أَهْلِهِمْ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ} قال ابن الأنباري: "لعل" كلتاهما بمعنى "كي" الأولى متعلقة "باجعلوا" والثانية محمولة على "يعرفونها" فالجَعْل سبب المعرفة، والمعرفة سبب الرجوع، وذكرنا مثل هذا في قوله: {لَعَلِّي أَرْجِعُ إِلَى النَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَعْلَمُونَ} [يوسف: ٤٦]. ويجوز أن يكون "لعل" كلتاهما بمعنى "عسى" والمراد: عساهم يعرفون أنها بضاعتهم بعينها، وعساهم يرجعون إذا عرفوا ذلك، وجاز أن يكون بمعنى "عسى"؛ لأنه يحتمل أنهم لا يعرفون أنها بضاعتهم بعينها بل يظنون أن تلك هدية وتكرمة فلا يرجعون. واختلفوا لم أمر يوسف بوضع بضاعتهم في رحالهم؟ فقيل: لأنهم متى ما فتحوا المتاع وجدوا (٦)


(١) "زاد المسير" ٤/ ٢٤٩.
(٢) الثعلبي ٧/ ٩٣ ب، البغوي ٤/ ٢٥٥، القرطبي ٩/ ٢٢٣.
(٣) الطبري ١٣/ ٩، الثعلبى ٧/ ٩٣ ب.
(٤) "تهذيب اللغة" (رحل) ٢/ ١٣٨ وفيه، قال أبو عبيدة.
(٥) نقله في التهذيب عن الليث (رحل) ٢/ ١٣٨١.
(٦) في (ج): (فوجدوا) وهو الصحيح.

<<  <  ج: ص:  >  >>