للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

لو قدر أن تصيبهم لأصابتهم وهم متفرقون كما تصيبهم مجتمعين، وقال ابن الأنباري: معناه لم يسبق في علم الله أن العين تهلكهم عند الاجتماع، فكان تفرقهم كاجتماعهم. وعلى ما ذكر من التأويل يكون التقدير: ما كان يغني عنهم ذلك الدخول من الأبواب المتفرقة من الله شيئًا لو قَضَى وقدر فـ"من" في قوله {مِنْ شَيْءٍ} دخلت على المفعول كقولك: ما رأيت من أحد. وفي الآية محذوف وهو (لو قَضَى) على ما ذكرنا، وذكر أبو إسحاق (١) وجهًا آخر فقال: وجائز أن يكون لا يغني عنهم مع قضاء الله شيء، وعلى هذا: "من" دخلت على الفاعل نحو: ما جاءني من أحد، والتقدير: ما كان يغني عنهم من الله شيء مع قضائه، والمحذوف على هذا التقدير (مع قضائه)، قال المفسرون (٢): وهذا تصديق من الله تعالى ليعقوب في قوله: {مَا كَانَ يُغْنِي عَنْهُمْ مِنَ اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ}.

وقوله تعالى: {إِلَّا حَاجَةً فِي نَفْسِ يَعْقُوبَ قَضَاهَا} قال الزجاج (٣): "حاجة" استثناء ليس من الأول. المعنى: لكن حاجة في نفس يعقوب قضاها، يعني أن ذلك الدخول: قضاء حاجة في نفس يعقوب، وهي إرادته أن يكون دخولهم من أبواب متفرقة شفقة عليهم وخوفًا من العين. والمفسرون (٤) فسروا الحاجة هاهنا الحزازة والهمة. قال ابن الأنباري: وقد يقال للحاجة: حزازة لأنها تؤثِّر في القلب، ويلزم همها النفس. المعنى أن ذلك الدخول شفى حزازة قلبه، ولما سميت الحزازة حاجة، جعل إزالتها قضاء.


(١) "معاني القرآن وإعرابه" ٣/ ١١٩.
(٢) الثعلبي ٩٥/ ٧ أ.
(٣) "معاني القرآن وإعرابه" ٣/ ١١٩.
(٤) الثعلبي ٧/ ٩٥ أ.

<<  <  ج: ص:  >  >>