للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقال عامة المفسرين (١): وخروا ليوسف سجدًا على جهة التحية، لا على معنى العبادة، وكان أهل ذلك الدهر يحييَّ بعضهم بعضًا بالسجود والانحناء، فحظر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - هذا ونهى عنه (٢)، والسجود معناه في اللغة (٣): الانحناء مع الخضوع والتذلل، ذكرنا ذلك فيما تقدم، وعلى هذا كان ذلك سجودًا من غير سقوط على الأرض كما يقال: قد سجد القف (٤) من الأرض للحوافر، إذا خضع لها فذل ومنه (٥):

تَرَى الأُكْمَ منه سُجَّدًا للحَوَافِرِ

قال ابن الأنباري (٦): والخرور في هذا القول لا يُعْنى به السقوط والوقوع، لكن المراد به: المرور، سمعت أبا العباس يحكي هذا، واحتج


(١) الطبري ١٣/ ٦٨، والثعلبي ٧/ ١١٢ ب، والبغوي ٤/ ٢٨٠، و"زاد المسير" ٤/ ٢٩٠، وابن عطية ٨/ ٨٠، والقرطبي ٩/ ٢٦٥، وابن أبي حاتم ٧/ ٢٢٠٢.
(٢) أخرجه الترمذي في "جامعه" (٢٧٢٨) كتاب الاستئذان والآداب، باب: ما جاء في المصافحة، وابن ماجه في "سننه" (٣٧٠٢) كتاب الأدب، باب: المصافحة عن أنس بن مالك -رضي الله عنه- قال: قال رجل: يا رسول الله، الرجل منا يلقى أخاه أو صديقه، أينحني له؟ قال: "لا" قال: أفيلتزمه ويقبله؟ قال: "لا" قال: فيأخذه بيده ويصافحه؟ قال: "نعم". قال الترمذي: هذا حديث حسن، وحسنه الألباني في "صحيح سنن الترمذي" (ح ٢١٩٥).
(٣) "تهذيب اللغة" (سجد) ٢/ ١٦٣٠، و"اللسان" (سجد) ٤/ ١٩٤١.
(٤) قال الليث: القف: ما ارتفع من متون الأرض وصلبت حجارته، وقال شمر: القف ما ارتفع من الأرض وغلظ ولم يبلغ أن يكون جبلاً، انظر: "تهذيب اللغة" ٣/ ٣٠٢١ - ٣٠٢٢، و"اللسان" (قفف) ٦/ ٣٧٠٥.
(٥) القائل زيد الخيل "ديوانه" / ٦٦، و"الزاهر" ١/ ١٤١، و"اللسان" (سجد) ٤/ ١٩٤١.
(٦) "الزاهر" ١/ ٤٧، ٤٨، والرازي ١٨/ ٢١٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>