للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الدنيا ما يحب، ويغيب عنه ما أعد له في الآخرة من العذاب، فشاكلت مماحلة الله مماحلة المخلوق، من جهة أن المماحل من المخلوق يضمر لصاحبه من الشر غير الذي يظهر، فمن هذه الجهة سميت باسمها، وإن كانت مخالفها في المعنى (١)، هذا كلام أبي بكر.

وروى عباد بن منصور عن الحسن (٢) في قوله: {شَدِيدُ الْمِحَالِ} قال: شديد الحقد، قال أبو بكر: وهذا على ما بينا من أن غضب الله لما استسر (٣) عن المغضوب عليه المعد له، أشبه حقد المخلوق الذي يستر في نفسه، إلى أن المخلوق ينزعج ويتأذى (٤) عند الحقد والغضب، والله قد علا عن جميع هذا علوًّا كبيرًا.

قال الأزهري (٥): قول القتبي (٦): أصل المحال الحيلة، غلط فاحش، وأحسبه توهم أن ميم المحال ميم مِفْعَل، وأنها زائدة، وليس الأمر كما توهمه؛ لأن (٧) مِفْعلا إذا كان من بنات الثلاثة، فإنه يجيء بإظهار الياء الواو مثل: المِزَوَد، والمِجْوَل، والمِحْوَر، والمِزْيل، وما شاكلها، وإذا رأيت الحروف على مثال فعال، أوله ميم مكسورة فهي أصلية، مثل: ميم مهاد ومِلاك ومِراس، وما أشبهها.


(١) انظر: منهجه في آيات العقيدة، وقوله: (وإن كانت مخالفها) كذا في جميع النسخ ولعلها: مخالفتها.
(٢) "زاد المسير" ٤/ ٣١٦، وأخرجه أبو الشيخ عن عكرمة كما في "الدر" ٤/ ١٠٠.
(٣) في (ج): (اسْتَتَرَ).
(٤) في (ب)، (ج): (وينادي).
(٥) "تهذيب اللغة" (محل) ٤/ ٣٣٥٣.
(٦) (أ)، (ج): (القيس).
(٧) في (أ)، (ج): (أن).

<<  <  ج: ص:  >  >>