للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أَسْلَمَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ طَوْعًا وَكَرْهًا وَإِلَيْهِ يُرْجَعُونَ}، [آل عمران:٨٣] ومضى الكلام في الآيتين.

وقوله تعالى: {وَظِلَالُهُمْ بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ} الكلام في تفسير هذه الألفاظ قد سبق (١)، وأما المعنى فقال المفسرون: كل شخص مؤمن أو كافر، فإنه يسجد لله تعالى. قال مجاهد (٢): ظل المؤمن يسجد طوعًا وهو طائع، وظل الكافر يسجد طوعًا وهو كاره. وقال أبو إسحاق (٣): جاء في التفسير أن الكافر يسجد لغير الله، وظله يسجد لله، فعلى هذا قال ابن الأنباري (٤): يُجْعل للظلال عقول تسجد بها وتخشع، كما جُعل للجبال أفهام حتى خاطبت وخوطبت، قال: على هذا بني أكثر أهل التفسير.

وقال أهل المعاني: سجود الظلال ميلانها ودورانها من جانبها إلى جانب، وطولها بانحطاط الشمس، وقصرها بارتفاع الشمس فهي مستسلمة منقادة، مطيعة بالتسخير، وهي في ذلك تميل من جانب إلى جانب، والميل سجود في اللغة، يقال: سجدت النخلة، إذا مالت (٥) لكثرة حملها، قال لبيد يصف نخلًا (٦):

غُلْبٌ سَوَاجِدُ لم يَدْخل بها الحَصَرُ


(١) عند قوله تعالى: {وَدُونَ الْجَهْرِ مِنَ الْقَوْلِ بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ} [الأعراف: ٢٠٥].
(٢) الطبري ١٣/ ١٣١، وابن المنذر كما في "الدر" ٤/ ١٠١، والثعلبي ٧/ ١٣٠ أ، والقرطبي ٩/ ٣٠٢.
(٣) "معاني القرآن وإعرابه" ٣/ ١٤٤.
(٤) القرطبي ٩/ ٣٠٢، والرازي ١٩/ ٢٥، و"البحر" ٦/ ٣٦٩.
(٥) مكرر في (أ)، (ج).
(٦) عجز بيت، وصدره:
بين الصفا وخليج العين ساكنة

<<  <  ج: ص:  >  >>