للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ومن قرأ {يَخْدَعُونَ} قال: إن فَعَلَ [أولى بفعل] (١) الواحد من (فاعَلَ) من حيث كان أخص به، وكان أليق من (فاعَل) الذي هو لأكثر الأمر (٢) أن يكون لفاعلين (٣).

وقوله تعالى: {وَمَا يَخْدَعُونَ إِلَّا أَنْفُسَهُمْ} (٤). معناه أنهم راموا الخداع فلم يخدعوا الله ولا المؤمنين، وما خدعوا إلا أنفسهم؛ لأن وبال خداعهم عاد عليهم، وهذا كقولك: قاتل فلان فلانا فما قتل إلا نفسه، أي: رام قتل صاحبه فلم يتمكن وعاد وبال فعله إليه، كذلك المنافقون في الحقيقة إنما يخدعون أنفسهم (٥)، لأن الله سبحانه يطلع نبيه -عليه الصلاة والسلام- على أسرارهم ونفاقهم (٦)، فيفتضحون في الدنيا، ويستوجبون العقاب (٧) في العقبى (٨).


(١) في جميع النسخ جاءت الجملة: (أن فعل أو لن يفعل الواحد ..) فصححتها على عبارة "الحجة"، لأن المؤلف نقل الكلام منه. انظر: "الحجة" ١/ ٣١٧.
(٢) في (أ)، (ج): الأكثر إلا من أن يكون ..)، وعبارة "الحجة" (الذي في أكثر الأمر أن يكون لفاعلين) وهي أوضح ١/ ٣١٧. وانظر: "الكشف" لمكي ١/ ٢٢٤.
(٣) رجح ابن جرير قراءة {وما يخدعون} بدون ألف، وقال: هي أولى بالصحة من قراءة من قرأ {وما يخادعون}، ١/ ١٢٠، وكذا مكي حيث قال: وقراءة من قرأ بغير ألف أقوى في نفسي. ثم ذكر حججه على ذلك، وقال: والقراءة الأخري حسنة ..) وقال: وحمل القراءتين على معنى واحد أحسن وهو أن (خادع) و (خدع) بمعنى واحد في اللغة. "الكشف" ١/ ٢٢٥، ٢٢٧.
(٤) على قراءة نافع وأبن كثير وأبي عمرو.
(٥) "تفسير الطبري" ١/ ١١٩، وانظر "تفسير القرطبي" ١/ ١٧١، "زاد المسير" ١/ ٣٠، "تفسير ابن كثير" ١/ ٥١.
(٦) انظر: "تفسير أبي الليث" ١/ ٩٥.
(٧) في (ب): (العذاب).
(٨) انظر: "زاد المسير" ١/ ٣٠، "تفسير البغوي" ١/ ٦٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>