للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

كهذه الآية، ألا ترى أنه قدَّم (الذين) ثم ذكر بعده الأعمال مضافة إلى الكناية عن الذين؛ كقوله تعالى: {الَّذِي أَحْسَنَ كُلَّ شَيْءٍ خَلَقَهُ} [السجدة: ٧] أي: خَلْقَ كُلِّ شيء، ومثله قوله: {وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ تَرَى الَّذِينَ كَذَبُوا عَلَى اللَّهِ وُجُوهُهُمْ مُسْوَدَّةٌ} [الزمر: ٦٠] المعنى: ترى وجوه الذين كذبوا على الله مسودَّة (١)، وفي هذا أقوال ووجوه ذكرناها مستقصاة في قوله: {مَثَلُ الْجَنَّةِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ} [آية: ٣٥] في سورة الرعد.

وقوله تعالى: {أَعْمَالُهُمْ كَرَمَادٍ} قال الليث: الرَّمادُ دُقاق الفحم من حراقةِ النار، وصار الرَّمادُ رمادًا إذا صار هباءًا أدق ما يكون (٢)، ورمَّد اللحمَ، إذا ألقاه في الرماد (٣)، ومنه المثل: شَوى أَخُوك حتى إذا أنْضَجَ رَمَّدَ (٤).

وقوله تعالى: {فِي يَوْمٍ عَاصِفٍ} قال ابن السِّكِّيت: عصفت الريح وأعصفت، فهي ريح عاصف ومُعْصِفة إذا اشتدت (٥)، وقال الزجاج في باب الوفاق: عَصَفَت الرِّيحُ عُصُوْفًا وأعْصَفت إعصافًا، إذا اشتد هبوبها (٦)،


(١) "معاني القرآن" للفراء ٢/ ٧٢، مختصراً، ووردت في "تفسير الثعلبي" ٧/ ١٤٨ ب بنحوه، والظاهر أنه نقلها عن الثعلبي وبسطها.
(٢) ورد في "تهذيب اللغة" (رمد) ٢/ ١٤٦٦ بنصه.
(٣) انظر: "جمهرة اللغة" ٢/ ٦٣٩.
(٤) ورد في "جمهرة اللغة" ٢/ ٦٣٩، و"الأمثال" لابن سلاَّم ٦٦، و"مجمل اللغة" ١/ ٣٩٨، و"المحيط في اللغة" (رمد) ٩/ ٣٠٨، و"مجمع الأمثال" ١/ ٣٦٠، و"اللسان" ٣/ ١٧٢٦، وُيروى هذا المثل عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه، ويضرب للرجل يصنع المعروف ثم يفسده بالمنِّ والأذى، ويضرب أيضاً للذي يبتدئ بالإحسان ثم يعود عليه بالإفساد.
(٥) ورد في "تهذيب اللغة" (عصف) ٣/ ٢٤٦٣ بنصه.
(٦) "فعلت وأفعلت" ص ٦٥ بنصه.

<<  <  ج: ص:  >  >>