للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

يتوارون عن أعين الناس، والجنين متوار في بطن أمه، ومعنى الجان في اللغة: الساتر، من قولك جنّ الشيء إذا ستره (١). فالجان الذي ذكر هاهنا يحتمل أنه سُمِّي جانًّا لأنه يستر نفسه عن أعين بني آدم، أو يكون من باب الفاعل الذي يراد به المفعول، كما يقول في: لابن وتامر، وماءٍ دافق، وعِيشة راضية، وقد ذكرنا في مواضع (٢).

وقوله تعالى: {خَلَقْنَاهُ مِنْ قَبْلُ} قال ابن عباس: يريد من قبل خلق آدم (٣).

وقوله تعالى: {مِنْ نَارِ السَّمُومِ} اختلفوا في معنى (السموم)، فقال ابن عباس في رواية الكلبي: هي نارٌ لا دخان لها، والصواعق تكون منها، وهي نار بين السماء وبين الحجاب، فإذا أحدث الله أمرًا خرقت الحجاب فهوت إلى ما أُمرت، والهدَّة التي تسمعون خرق ذلك الحجاب (٤)، ونحو هذا القول سواء رَوَى الفراء عن الحسن (٥).

وقال آخرون: من نار الريح الحارة، وهو قول ابن مسعود، قال: هذه السموم جزء من سبعين جزءًا من السموم التي خلق منها الجان، وتلا هذه


(١) انظر: "تهذيب اللغة" (حسن) ١/ ٦٧١، "المحيط في اللغة" ٦/ ٤١٠، "الصحاح" (جنن) ٥/ ٣٠٩٤.
(٢) منها عند تفسيره آية [٤٥] من سورة الإسرإء.
(٣) "تنوير المقباس" ص ٢٧٧ بنصه، وورد غير منسوب في "تفسير مقاتل" ١/ ١٩٦ ب، و"تفسير السمرقندي" ٢/ ٢١٨، والثعلبي ٢/ ١٤٨ أ، والماوردي ٣/ ١٥٨، وابن الجوزي ٤/ ٣٩٩، و"تفسير القرطبي" ١٠/ ٢٣، والخازن ٣/ ٩٥.
(٤) انظر: "تفسير القرطبي" ١٠/ ٢٣، وورد منسوباً إلى الكلبي -نفسه- في "تفسِر الماوردي" ٣/ ١٥٩، و"تفسير البغوي" ٤/ ٣٧٩، وابن الجوزي ٤/ ٤٠٠.
(٥) "معاني القرآن" للفراء ٢/ ٨٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>