للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قال: وأصله الفَرْق والفتحُ، أي: اصدع بحقِّك الباطلَ (١)، وهذا قولُ أهل اللغة والمعاني، وقال ابن عباس: أظهر (٢)، وقال الأخفش وأبو عبيدة: افرق (٣)، وقال المؤرج: افصل (٤).

وقوله تعالى: {بِمَا تُؤْمَرُ} قال الفراء: أراد فاصدع بالأمر، و (ما) مع الفعل بمنزلة المصدر، وكذلك لم يعد إليه عائد من الصلة كقولك: ما أحسنَ ما ينطلق؛ لأنك تريد: ما أحسنَ انطلاقك، وما أحسنَ ما تأمر، أي: أمرك، ومثله قوله: {يَا أَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ} [الصافات: ١٠٢] كأنه قيل له: افعل الأمر الذي تؤمر، قال ويجوز أن يكون المعنى: بما تؤمر به،


(١) "الغريب" لابن قتيبة ص ٢٤٠ بنصه.
(٢) ورد في "تفسير الثعلبي" ٢/ ١٥٢ ب، "تفسير البغوي" ٤/ ٣٩٥، الخازن ٣/ ١٠٤، "تنوير المقباس" ص ٢٨١ بلفظه، وهذه الرواية أوهى الطرق؛ لأنها من طريق محمد بن مروان عن الكلبي، أخرجها أبو نُعيم في "الدلائل" ص ٢٧٠، وقد رويت عن الكلبي -نفسه- في "تفسير هود" ٢/ ٣٥٨، والماوردي ٣/ ١٧٤، والغريب إيراد الواحدي -رحمه الله- الأقوال الضعيفة عن ابن عباس وتركه للروايات الصحيحة والمشهورة في بعض المواضع، ففي هذه الآية مثلاً؛ ثبت عن ابن عباس تفسيرها بـ: أمضه، وافعل ما تؤمر. انظر: "تفسير الطبري" ١٤/ ٦٧ من طريق ابن أبي طلحة (صحيحة)، والثعلبي ٢/ ١٥٢ ب، و"تفسير البغوي" ٤/ ٣٩٥، وابن الجوزي ٤/ ٤٢٠، وابن كثير ٢/ ٦١٥، و"الدر المنثور" ٤/ ١٩٩ وزاد نسبته إلى ابن المنذر وابن أبي حاتم، ولعل سبب إيراده للروايات الضعيفة عن ابن عباس -مع ورود الروايات الصحيحة- أنه نظر إليها من جهة اللغة والمعنى لا من جهة السند، فاختارها -على القوية سندًا- لهذه الحيثية، والمعروف عن الواحدي -رحمه الله- أنه يغلب عليه الاهتمام باللغة والعناية بها في تفسيره.
(٣) "مجاز القرآن" ١/ ٣٥٥ بلفظه، ولم أجده في معاني الأخفش، وورد منسوبًا للأخفش في "تفسير الثعلبي" ٢/ ١٥٢ ب بلفظه، و"تفسير البغوي" ٤/ ٣٩٥.
(٤) ورد في "تفسير الثعلبي" ٢/ ١٥٢ ب بلفظه.

<<  <  ج: ص:  >  >>