للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

المنافق والكافر؛ شَدُدَ عليه الغُسْلُ من الجنابة والوُضوءُ للصلاة، ويَثْقُلُ عليه صيام شهر رمضان من اثني عشر شهرًا، ثم بين أن المشيئة إليه، فقال: {وَلَوْ شَاءَ لَهَدَاكُمْ أَجْمَعِينَ}، يريد: فلو شاء لأرشدكم أجمعين حتى لا يختلف عليك يا محمد أحد، هذا كلامه، والذي ذكرنا في هذه الآية هي طريقة المفسرين. وفي الآية وجه آخر، وهو أن المعنى: أن قصد السبيل الذي هو الحنفية والإسلام على الله؛ أن يؤدي إلى رضا الله وثوابه وجزائه (١)؛ كقوله: {قَالَ هَذَا صِرَاطٌ عَلَيَّ مُسْتَقِيمٌ} [الحجر: ٤١]، أي: أنه يؤدي إلى جزائي وكرامتي، فهو طريق عليّ، وهذا مذهب مجاهد، قال: على الله طريق الحق (٢)، وبه قال عبد الله بن المبارك (٣)، وهو أقوى القولين؛ لأنه صح من غير إضمار ولا شبهة للقدرية (٤)؛ لأنهم يقولون على التفسير الأول: أضاف قصد السبيل إليه.

ثم قال: {ومنها جائزٌ} وهو ضده، فلم يضف إلى نفسه (٥)،


(١) انظر: "تفسير ابن عطية" ٨/ ٣٧٦.
(٢) تقدم توثيق قوله.
(٣) لم أقف عليه.
(٤) القدرية هم نفاة القدر؛ يزعمون أن الأمر أنف، كان أول ظهورهم في نهاية جيل الصحابة، عندما ظهر معبد الجهني، وقد تبرأ منهم ابن عمر -رضي الله عنهما-، وخلف الجهمية في هذه البدعة المعتزلة، وأصّلوها، وجعلوها من أصولهم الخمسة. انظر: "الفرق بين الفرق" ص ١١٤، و"الفصل في الملل والأهواء" ٣/ ٨٢، و"الملل والنحل" ١/ ٤٣، و"الاستقامة" ١/ ١٧٩، و"التعريفات" ص ١٧٤.
(٥) هذه إشارة إلى مذهبهم الفاسد في إخراج أفعال العباد عن قدرة الله وخلقه، والمذهب الحق في هذه القضية هو مذهب أهل السنة والجماعة، وقد ذكره شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله وغيره، فقال: وأما جمهور أهل السنة، فيقولون: إن =

<<  <  ج: ص:  >  >>