للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

المعنى: ما الذي أنزل ربكم؟ وأساطير مرفوعة على الجواب؛ كأنهم قالوا: الذي أَنْزَلَ أساطيرُ الأولين؛ الذي يذكرون أنه منزلٌ أساطيرُ الأولين، أي أكاذيبهم (١)، وشرح أبو علي هذا فقال: رُفِعَ الأساطيرُ؛ لأن ذا بعد (٢) ما بمنزلة الذي (٣)، ولم يُجعل معها بمنزلة اسم واحد، فكأنه قال: ما الذي أنزل ربكم؟ فقيل: أساطير الأولين، أي الذي أنزله أساطير الأولين، فَيُضَم المبتدأ الذي كان خبرًا في سؤال السائل، على هذا يرتفع الأساطير في قول سيبويه (٤)، قال: وروي عن أبي زيد وغيره من النحويين أنهم قالوا: لم يُقِرُّوا بإنزال الله لذلك، فكأنهم لم يجعلوا أساطير الأولين خبر الذي أنزل، وعلى هذا يرتفع الأساطير بخبر ابتداء محذوف؛ كأنه قيل الذي يعنون والذي يسألون عنه أساطير الأولين، فحذف المبتدأ لدلالة ما في السؤال عليه (٥)، ووجه قول سيبويه: إذا جعلت أساطير الأولين خبر (ذا) الذي هو بمعنى الذي في قوله: {مَاذَا أَنْزَلَ رَبُّكُمْ} أن يكون المعنى: الذي أنزله ربكم عندكم وفي قولكم أساطير الأولين؛ كما جاء: {وَقَالُوا يَا أَيُّهَ السَّاحِرُ ادْعُ لَنَا رَبَّكَ} [الزخرف: ٤٩] , وكما قالوا: {يَا أَيُّهَا الَّذِي نُزِّلَ عَلَيْهِ الذِّكْرُ} [الحجر: ٦]، أي: عنده وعند من تبعه، فيمكن أن يُجعلَ


(١) "معاني القرآن وإعرابه" ٣/ ١٩٤، بنحوه.
(٢) في (د): (بمعنى).
(٣) انظر: "رصف المباني" ص ٢٦٥، و"الجنى الداني" ص ٢٣٩.
(٤) "الكتاب" ٢/ ٤١٩، وانظر: "المسائل البغداديات" ص ٣٧١ - ٣٧٢.
(٥) لم أقف على مصدره، وورد نحوًا من هذا التوجيه في "إعراب القرآن" للنحاس ٢/ ٢٠٨، و"مشكل إعراب القرآن" ٢/ ١٣، و"البيان في غريب إعراب القرآن" ٢/ ٧٧ , و"الإملاء" ٢/ ٧٩، و"الفريد في إعراب القرآن" ٣/ ٢٢٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>