وقوله تعالى:{وَمِنْ أَوْزَارِ الَّذِينَ يُضِلُّونَهُمْ} لأنهم كانوا رؤساء، فلما قالوا في القرآن: إنه أساطير الأولين، اقْتُدي بهم فيه، فحُمل عليهم من أوزارهم، يبين هذا ما روي أن النبيّ -صلى الله عليه وسلم- قال:"أيّما داعٍ دعا إلى ضلالة فاتُّبع فإن عليه أوزارَ من اتَّبَعه، من غير أن يَنقصَ من أوزارهم شيء"(١).
فهؤلاء لمّا كانوا دعاةَ الضلالة، حُمِّلوا من أوزار من اتبعهم.
و (من) في قوله: {وَمِنْ أَوْزَارِ الَّذِينَ يُضِلُّونَهُمْ} ليست للتبعيض؛ لأنها لو كانت للتبعيض لخفَّ عن الأَتْبَاعِ بعضُ أوزارهم يحمل الرؤساء ذلك، ولكنها للجنس، أي ليحملوا من جنس أوزار الأتباع، وإنما ذلك لأن النبيّ -صلى الله عليه وسلم- قال:"من غير أن ينقص من أوزارهم شيء"، ولو جعلنا المحمولَ من أوزار الأتباع نقصت أوزارهم، فليس يأتي التابعُ بجنس من الذنب في ضلالته إلا وعلى المتبوع مثلُ ذلك، كما قال -صلى الله عليه وسلم-: "فإن عليه مثل أوزار من اتبعه".
وقوله تعالى:{بِغَيْرِ عِلْمٍ}، أي: بجهل، يريد أن هؤلاء المتبوعين
(١) أخرجه ابن ماجه (٢٠٥) المقدمة، باب: من سن سنة حسنة أو سيئة بنصه عن أنس، والطبري ١٤/ ٩٦ بنصه، وورد في "تفسير الرازي" ٢٠/ ١٨، و"القرطبي" ١٣/ ٣٣١، و"الدر المنثور" ٧/ ٢١٤ وزاد نسبته إلى ابن أبي حاتم، والجامع الصغير للألباني (٢٧١٢)، وقد ورد برواية: "من دعا .. ، وبرواية: "من سن سنة .. " في: مسند أحمد ٢/ ٣٩٧، ٤/ ٣٦١، وصحيح مسلم (٢٦٧٤) في العلم، باب: من سن سنة حسنة وما بعدها، والترمذي (٢٦٧٤) في العلم، باب: ما جاء فيمن دعا إلى الهدى فاتبع أو إلى ضلالة ٥/ ٤٣، والنسائي بالرواية الثانية: الزكاة، التحريض على الصدقة ٥/ ٧٥، وسنن ابن ماجه. المقدمة، من سن سنة (٢٠٦).