للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقوله تعالى: {إِلَى مَا خَلَقَ اللَّهُ مِنْ شَيْءٍ} قال المفسرون وأهل المعاني: أراد من شيء له ظل من جبل وشجر وبناء وجسم قائم (١)، وهذا معنى قول ابن عباس: يريد الشجر والنبات.

وقوله تعالى: (يَتَفَيَّأُ ظِلالُهُ) إخبار عن قوله: {شَيْءٍ}، وليس بوصف له، و {يَتَفَيَّأُ}: يتفعل من الفيء، يقال: فاء الظل يفيء فيئًا، إذا رجعَ وعادَ بعد ما كان ضياءُ الشمس نسخَه، وأصلُ الفيء الرجوع (٢)، ومنه فَيءُ المولي (٣)، وذكرنا ذلك في قوله: {فَإِنْ فَاءُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} [البقرة: ٢٢٦]، وكذلك فيءُ المسلمين؛ لِمَا يعود على المسلمين من مال مَنْ خالف دينهم بلا قتال (٤)، وسنذكر ذلك في قوله: {مَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ} [الحشر: ٧] إن شاء الله. وأصلُ هذا كله من الرجوع، فإذا عُدِّي (فَاءَ) عُدّي بزيادة الهمزة أو تضعيف العين، فمِمَّا عُدّي بنقل الهمزة قوله: {مَا أَفَاءَ اللَّهُ}، وبالتضعيف فاءَ الظلُّ، وفَيّأه الله فتفيّأ، وتَفيَّأ مطاوع فَيَّأَ (٥).


(١) ورد في "الحجة للقراء" ٥/ ٧٢، بنصه، و"تفسير الطبري" ١٤/ ١١٤ - ١١٦، بنحوه، والثعلبي ٢/ ١٥٧ ب، بنحوه، والطوسي ٦/ ٣٨٧، وانظر: "تفسير البغوي" ٥/ ٢١، وابن الجوزي ٤/ ٤٥٢، والفخر الرازي ٢٠/ ٤٠، و"تفسير القرطبي" ١٠/ ١١١، ونسبه إلى ابن عباس، والخازن ٣/ ١١٧، وأبي حيان ٥/ ٤٩٦.
(٢) انظر: "تهذيب اللغة" (فاء) ٣/ ٢٧١١، و"مجمل اللغة" (في) ٢/ ٧٠١، و"الصحاح" (فيأ) ١/ ٦٣، و"عمدة الحفاظ" ٣/ ٣٠٨.
(٣) هو الذي يحلف أن لا يجامع زوجته، وقد حدد الشارع مدة الإيلاء بأربعة أشهر؛ إما أن يطلق وإما أن يفي. انظر: "تفسير الجصاص" ١/ ٣٥٥، والكيا الهراسي ١/ ٢١٦ - ٢١٩، وابن العربي ١/ ١٧٨، و"تفسير القرطبي" ٣/ ١٠٣.
(٤) ورد في "تهذيب اللغة" (فيأ) ٣/ ٢٧١١، بنحوه، وانظر: "التعريفات" ص ١٧٠، و"تفسير الفخر الرازي" ٢٠/ ٤٠.
(٥) "الحجة للقراء" ٥/ ٦٧، بنصه، وانظر. "اللسان" (فيأ) ٦/ ٣٤٩٦، و"معجم الألفاظ المتعدية بحرف" ص ٢٨٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>