للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الهَوَان (١).

قال ابن شميل: إنه لَيَهُون علي هَوْنًا وهَوانًا (٢)، وأهنته هَوْنًا وهوانًا، وذكرنا هذا في سورة الأنعام عند قوله: {عَذَابَ الْهُونِ} [آية: ٩٣].

قال المفسرون: كان أحدُهم في الجاهلية إذا وُلِدت له بنتٌ ضاق بها ذرعًا، فلم يدر ما يصنع بها؛ أَيَدُسُّها تحت التراب أو يتهاون بها فيُلْقِيها (٣)، والهَوان على قول أكثرهم يعود إلى المولودة على معنى أنه سيهينها في التعب والعمل، ويمسكها على هوان منه لها.

وقال عطاء عن ابن عباس في قوله: {أَيُمْسِكُهُ عَلَى هُونٍ} يريد على رغم أنفه وعلى الكراهية منه (٤)، وعلى هذا القول، الهوان راجع إلى الوَالِد (٥)؛ لأنه يمسكه على رضا بهوان نفسه وكراهته، واختاره الفراء


(١) لم يفرق بعضهم بين الهَوْن والهُون، وذهب الكثير إلى التفريق بينهما؛ فقال بعضهم: الهُون: الهوان، والهَون: الرفق. وقال آخرون: الهُون: العذاب، والهَون: الرفق. وقال الليث: الهَون: مصدر الهيِّن في معنى السكينة والوقار. وقال شمر: الهَوْنُ: الرفق والدعة. وقال الفراء: الهُوْنُ في لغة قريش: الهَوَانُ، وبعض تميم يجعل الهُون مصدرًا للشيء الهيّن؛ أي القليل. انظر: "معاني القرآن" للفراء ٢/ ١٠٦، و"تهذيب اللغة" (هان) ٤/ ٣٦٩٩، و"اتفاق المباني وافتراق المعاني" ص ٩٩.
(٢) ورد في "تهذيب اللغة" (هان) ٤/ ٣٦٩٩، بنصه.
(٣) ورد بنحوه في "تفسير مقاتل" ١/ ٢٠٤ أ، والطبري ١٤/ ١٢٤، والسمرقندي ٢/ ٢٣٩، وهود ٢/ ٣٧٤، والثعلبي ٢/ ١٥٨ أ، ولعل المقصود بقوله: (فيلقيها)، أي: يلقيها من شاهق، فقد ذكر الرازي عدة وسائل كانوا يسلكونها في قتل البنات، أشهرها: أن يحفر لها الحفيرة ويدفنها حتى تموت، ومنهم من يرميها من شاهق جبل، ومنهم من يغرقها، ومنهم من يذبحها. انظر: "تفسير الرازي" ٢٠/ ٥٦.
(٤) انظر: "تفسير الفخر الرازي" ٢٠/ ٥٥.
(٥) في جميع النسخ: (الولد) والصحيح (الوالد)؛ لأن هذا هو المعنى الثاني، وفي الأول عاد الهوان على الولد، ويؤيده التعليل بعده.

<<  <  ج: ص:  >  >>