للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قال الزجاج: جائز أن يكون سمي نحلًا؛ لأن الله عز وجل نحل الناس العسل الذي يخرج من بطونها، وقال غيره: النَّحْل يذكر ويؤنث (١)، وهي مؤنثة في لغة الحجاز؛ ولذلك أنثها الله تعالى، وكذلك كل جمع ليس بينه وبين واحده إلا الهاء.

وقال أهل المعاني: الله تعالى أوحى إلى كل دابة وذي روح وحي الإلهام في التماس منافعها واجتناب مضارِّهَا، فذكر من ذلك أمر النحل؛ لأن فيها من لطيف الصنعة وبديع الخلق ما فيه أعظم معتبر، بأن ألهمها اتخاذ المنازل والمساكن (٢)، وذلك قوله: {أَنِ اتَّخِذِي مِنَ الْجِبَالِ بُيُوتًا وَمِنَ الشَّجَرِ}، قال ابن عباس: هي تتخذ من الجبال لأنفسها إذا كانت لا أصحاب لها (٣).

وقوله تعالى: {وَمِمَّا يَعْرِشُونَ}، أي: يبنون ويسقفون، وفيه لغتان: قُرئ بها ضَمُّ الراء (٤) وكسرها (٥) مثل يَعْكِفون ويَعْكُفون.

قال ابن عباس: يريد ما يعرش الناس لها من الجِبَاح (٦)؛ وهو: خلايا


(١) ليس في معانيه، وورد في "تهذيب اللغة" ٤/ ٣٥٣٢، بنصه، وقال الأزهري في مادة (نحل) "فمن ذكَّر النحل فلأن لفظه مذكَّر، ومن أنث فلأنه جَمْعُ نحْلَة".
(٢) ورد في "معاني القرآن وإعرابه" ٣/ ٢١٠، بنحوه.
(٣) ورد في تفسيره "الوسيط" تحقيق سيسي ٢/ ٤١٤، بنصه.
(٤) قرأ بضم الراء: ابن عامر وعاصم في رواية أبي بكر: {يَعْرِشُونَ}، انظر: "السبعة" ص ٣٧٤، و"إعراب القراءات السبع وعللها" ١/ ٣٥٨، و"الحجة للقراء" ٥/ ٧٦، و"حجة القراءات" ص ٣٩٢، و"المُوضح في وجوه القراءات" ٢/ ٧٤٠.
(٥) قرأ الباقون بكسر الراء: {يَعْرِشُونَ}، وروى حفص عن عاصم بكسر الراء أيضًا. انظر: المصادر السابقة.
(٦) الأجْبُح: مواضِع النحل في الجبل، والواحد: جِبْحٌ وجِبَحٌ. انظر: "المحيط في اللغة" (جبح) ٢/ ٤١٦، و"مجمل اللغة" ١/ ٢٠٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>