للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

البدل مِن الكاذبين (١)، ولا يجوز أن يكون رفعًا بالابتداء؛ لأنه لا خبر هاهنا للابتداء؛ لأن قوله: {مَنْ كَفَرَ بِاللَّهِ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِهِ} ثم استثنى فقال: {إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ}: على الكفر، يكفر بلسانه وقلبه مطمئن (٢) بالإيمان (٣)، والقول الأول أظهر في معنى الآية؛ لأن (٤) هذه قصة مستأنفة، وكلام لا تعلق له بما تقدم، يدل عليه من التفسير ما رواه علي بن أبي طلحة عن ابن عباس في هذه الآية، قال: أخبر الله سبحانه أنه من كفر بعد إيمانه فعليه غضب من الله وله عذاب عظيم، فأما من أُكره فتكلم بلسانه وخالفه قلبه بالإيمان لِيَنْجُو بذلك من عدوه فلا حرج عليه؛ لأن الله سبحانه إنما يأخذ العباد بما عقدت عليه قلوبهم (٥)، فجعل ابن عباس قوله: {فَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ} خبر قوله: {مَنْ كَفَرَ بِاللَّهِ}.

وقوله تعالى: {وَلَكِنْ مَنْ شَرَحَ بِالْكُفْرِ صَدْرًا}، أي: فتحه ووسعه لقبول (٦) الكفر، وذكرنا معنى الشرح في سورة الأنعام (٧)، وانتصب صدرًا


(١) وتقديره: إنما يفتري الكذب من كفر بالله من بعد إيمانه، وقد رده الطبري، وقال: هذا قول لا وجه له، وحجته أن ذلك يقتضي تخصيص وصف افتراء الكذب بمن آمن ثم ارتد دون من نشأ على الكفر أصلاً، ودلل على ذلك أن الآية جاءت في سياق الرد على الذين نسبوا الكذب والافتراء إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في الآية السابقة، وهم الكفار الأصليون. انظر: "تفسير الطبري" ١٤/ ١٨١.
(٢) في (أ)، (د) زيادة (واو): (ومطمئن).
(٣) "معاني القرآن وإعرابه" ٣/ ٢١٩، بتصرف يسير.
(٤) في (أ)، (د): (أن).
(٥) أخرجه الطبري ١٤/ ١٨٢ بنصه من طريق ابن أبي طلحة صحيحة، والبيهقي: المرتد/ المكره على الردة (٨/ ٢٠٩) بنصه، و"الدر المنثور" ٤/ ٢٥٠، وزاد نسبته إلى ابن المنذر وابن أبي حاتم.
(٦) في (أ)، (د): (لقول)، والمثبت من (ش)، (ع) أصح.
(٧) آية [١٢٥].

<<  <  ج: ص:  >  >>