للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الله: {وَإِنْ تُخَالِطُوهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ} [البقرة: ٢٢٠]، فرُخِّص لهم أن يخالطوهم (١).

فمعني {بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ}: الحالة التي هي أحسن؛ وهو الكف عنه، وتثميره في قول بعضهم، وفي قول آخرين: الأكل بالمعروف عند الحاجة إليه، على ما ذكرنا، وهذه الآية ذكرنا تفسيرها في أواخر سورة الأنعام (٢).

وقوله تعالى: {وَأَوْفُوا بِالْعَهْدِ} قال أهل المعاني: كل عقد يُقَدَّم للتوثق من الأمر فهو عهد (٣)، فدخل في قوله: {وَأَوْفُوا بِالْعَهْدِ} كُلّ عقد من العقود بين المسلمين؛ كعقد النكاح وعقد الشركة وعقد البيع وعقد اليمين وعقد الصلح بين المسلمين والمشركين، وكل هذا مما يجب حفظه والوفاء به وترك الخيانة فيه.

وقال أبو إسحاق: كل ما أمر الله به ونهى عنه فهو من العهد (٤).

وقوله تعالى: {إِنَّ الْعَهْدَ كَانَ مَسْئُولًا} ذكر صاحب النظم وغيره في هذا وجهين (٥)؛ أحدهما: أن المعنى: كان مسئولًا عنه بالجزاء، فحذف الصلة، كقوله: {وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ} [النحل: ٥٠]، أي: يؤمرون به، وكقوله: {بَلْ هُمْ قَوْمٌ يَعْدِلُونَ} [النمل: ٦٠]، أي: يعدلون بالله.

والثاني: أن العهد يُسأل فيقال: لم (٦) نُقِضت، تبكيتًا للناقض؛ كما


(١) أخرجه "الطبري" ١٥/ ٨٤، بنحوه من طريقين.
(٢) آية [١٥٢].
(٣) ورد نحوه في "تفسير الطوسي" ٦/ ٤٧٦.
(٤) "معاني القرآن وإعرابه" ٣/ ٢٣٨، بمعناه.
(٥) ورد بنحوه في "تفسير الجصاص" ٣/ ٢٠٣، و"الماوردي" ٣/ ٢٤٢، و"الطوسي" ٦/ ٤٧٧، انظر: "الفريد في إعراب القرآن" ٣/ ٢٧٤، و"تفسير الألوسي" ١٥/ ٧١.
(٦) في (أ)، (د): (لهم)، والمثبت من (ش)، (ع). وهو الصحيح المنسجم مع السياق.

<<  <  ج: ص:  >  >>