للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أتى عليه، ويقول أحدُهُم: لم أجد لِجاماً فاحْتَنَكْتُ دَابَّتي، أي ألقيتُ في حَنَكها حبلًا قُدْتُها به (١).

وتفسير هذا الحرف لا يخرج عن هذين الأصلين الذين ذكرهما يونس، فمن قال: لأستأصلنهم ولأستولين عليهم، فأصله من احتِناكِ الجرادِ الزرعَ، وهو أن يأكلها ويستأصلها باحتناكها فيفسدها، ومن هذا يقال للجماعة المنتجعين: الحنك، يقال: ما تركَ الأحْنَاكُ في أرضنا شيئًا، يعنون: الجماعات المارة، ومنه قول أبي نُخَيْلَة (٢):

إنا وكُنَّا حَنَكًا نَجْدِيًّا (٣) (٤)

هذا هو الأصل، ثم يُسمى الاستيلاء على الشيء وأخذ كله احتناكًا، حتى يقال: احتَنَكَ ما عند فلان، أي أخذه كله من علم أو مال أو غير ذلك (٥)، واحتنكت السَّنَةُ [أموالنا] (٦) إذا استأصلتها، وأنشد أهل اللغة:


(١) ورد في "تهذيب اللغة" (حنك) ١/ ٩٤٤، بنصه.
(٢) الرَّاجز أبو نُخيلة، اسمه يَعْمر، وكني أبا نُخَيلة لأن أمه ولدته إلى جنب نخلة -كما قال ابن قتيبة- وفي "الأغاني" عن الأصمعي وابن حبيب أنه لا يعرف له اسم غيره، وله كنينان: أبو الجُنيد وأبو العِرماس، كان عاقًا لأبيه فنفاه أبوه عن نفسه، فخرج إلى الشام وأقام هناك إلى أن مات أبوه، ثم عاد وبقي مشكوكًا في نسبه، مطعونًا عليه، مات سنة (١٤٥ هـ) انظر: "الشعر والشعراء" ص ٣٩٩، و"الأغاني" ٢٠/ ٤٠٣، و"الخزانة" ١/ ١٦٥.
(٣) وعجزه:
لمَّا انْتَجَعْنا الورقَ المرْعِيَّا
ورد في "الأساس" ص ٢٠٣، و"اللسان" (حنك) ٢/ ١٠٢٨.
(٤) ورد في "تهذيب اللغة" (حنك) ١/ ٩٤٣، بنصه.
(٥) ورد نحوه في "مجاز القرآن" ١/ ٣٨٤.
(٦) زيادة يقتضيها السياق؛ كما في "معاني القرآن وإعرابه" ٣/ ٢٤٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>