أما أثر مجاهد فقد أورده الذهبي في "العلو" ص ٩٤ وقال: لهذا القول طرق خمسة، وأخرجه ابن جرير في تفسيره، وعمل فيه المروزي مصنفًا. وفي سند الطبري ليث بن أبي سليم، وهو ضعيف مختلط- كما في "ميزان الاعتدال" ٣/ ٤٢٠، وهذا الأثر مما أُنكر على مجاهد حتى قُرن في ترجمته، قال الذهبي في ترجمة مجاهد في "ميزان الاعتدال" ٤/ ٣٥٩: ومن أَنْكَر ما جاء عن مجاهد في التفسير في قوله: {عَسَى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَحْمُودًا} قال: يُجلسه معه على العرش. وقال ابن عبد البر: مجاهد وإن كان أحد الأئمة بالتأويل، فإن له قولين مهجورين عند أهل العلم؛ أحدهما هذا القول، والثاني في تأويل {وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ (٢٢) إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ} [القيامة: ٢٢، ٢٣] قال: معاه تنتظر الثواب. انظر: "تفسير القرطبي" ١٠/ ٣١١، و"أبي حيان" ٦/ ٧٢، والشوكاني ٣/ ٣٦٠. فالحديث باطل لا يثبت لا من جهة الخبر ولا النظر، والأغرب من قول الطبري تشبث بعض المحدثين بهذا الخبر والمبالغة في قبوله إلى حد الغلو، فقد ذكر الذهبي في "العلو" ص ١٠٠ - ١٠١ - ١١٧ - ١١٨ أن بعض المحدثين قال: لو أن حالفًا حلف بالطلاق ثلاثًا أن الله يقعد محمدًا -صلى الله عليه وسلم- على العرش واستفتاني، لقلت له: صدقت وبررت! وعقب الذهبي قائلاً: فابصر -حفظك الله من الهوى- كيف آل الغلو بهذا المحدث إلى وجوب الأخذ بأثر منكر .. ، وذكر النقاشر عن أبي داود السجستاني أنه قال: من أنكرَ هذا الحديث فهو عندنا متهم، ما زال أهل العلم يتحدثون بهذا. انظر: "تفسير ابن عطية" ٩/ ١٧١، و"القرطبي" ١٠/ ٣١١، و"أبي حيان" ٦/ ٧٢، و"تفسير الماوردي" ٣/ ٢٦٥ حاشية رقم (٤٤٩)، و"سلسلة الأحاديث الضعيفة" رقم (٨٦٥) ٢/ ٢٥٥.