للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

مُطْمَئِنِّينَ} قال الحسن: قاطنين (١)، وقال الكلبي: مقيمين (٢)، وقال الزجاج: مستوطنين الأرض (٣)، وأصل الطمأنينة السكون، وجُعل هاهنا عبارة عن المقام والاستيطان؛ لأنه يقال: سكن فلان بلدة كذا، وسكن دار فلان، وإن كان فيها ماشيًا منقلبًا في حاجاته، وليس يراد السكون الذي هو ضد الحركة، كذلك هاهنا ليس المراد بالاطمئنان الذي هو ضد المشي، إنما المراد به الإقامة، كما ذكرنا عن أهل التفسير.

وقوله تعالى: {لَنَزَّلْنَا عَلَيْهِمْ مِنَ السَّمَاءِ مَلَكًا رَسُولًا} قال أبو إسحاق: أعلمهم الله أن الأعدل والأبلغ في الأداء إليهم بشرٌ (٤)؛ لأنه لا يُرْسِل إلى خلق إلا ما كان من جنسهم، فلو كان في الأرض بدل الآدميين ملائكة، لنزلنا عليهم ملكًا رسولاً (٥)

فإن قيل: لم جاز أن يرسل إلى النبيّ وهو بشر ملكٌ ليس من جنسه، ولم يجز أن يرسل غير النبيّ من البشر؟

الجواب: أن النبيّ قد اختير للهداية والمصلحة، وهو صاحب معجزة، فصارت حاله بذلك مقاربة لحال الملك، مع أن الجماعة الكثيرة ينبغي أن يُتَخيّر لها ما يجتمع عليه هَمُّها، إذا أريد الصلاح لجميعها بما لا يحتاج إليها في الواحد منها.


(١) ورد في "تفسير الطوسي" ٦/ ٥٢٢، بلفظه.
(٢) انظر: "تنوير المقباس" ص ٣٠٥، ورد بلا نسبة في "تفسير مقاتل" ١/ ٢١٩ ب، و"السمرقندي" ٢/ ٢٨٤، و"هود الهواري" ٢/ ٤٤٣.
(٣) "معاني القرآن وإعرابه" ٣/ ٢٦١، بنصه.
(٤) في (أ)، (د): (بشرًا)، وهو خطأ نحوي ظاهر.
(٥) "معاني القرآن وإعرابه" ٣/ ٢٦١ بتصرف.

<<  <  ج: ص:  >  >>