للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قال المبرد: المعروف في الإنفاق أنه إخراج المال عن اليد، فإن كان قد روي في اللغة معنى الإعدام فهو كما قال أبو عبيدة، وإلا فمعنى الكلام في الآية: خشية أن يستفرغكم الإنفاق ويُجْحِفَ بكم، فيكون الكلام من باب حذف المضاف على تقدير: خشية ضرر الإنفاق وما أشبهه (١)، وهذا معنى قول السدي: خشية أن ينفقوا فيفتقروا (٢).

وقوله تعالى: {وَكَانَ الْإِنْسَانُ قَتُورًا} قال ابن عباس وقتادة وغيرهما: بخيلًا (٣)، يقال: قَتَرَ يَقْتِرُ ويَقْتُر قَتْرًا، وأقْتَرَ إقتارًا، وقَتَّر تَقْتيرًا، إذا قَصَّر في الإنفاق (٤).

قال الليث: القَتْرُ: الرُّمْقة في النَّفقة؛ وهو أن ينفق ما (٥) يُمْسِك الرّمَق (٦).

فإن قيل في الناس: الجواد المُبَذِّر، فلم قيل: {وَكَانَ الْإِنْسَانُ قَتُورًا}؟ الجواب: أن الأغلب عليهم البخل والاقتصار، ولا اعتبار بالنادر، على أن


(١) لم أقف عليه.
(٢) ورد في تفسيره "الوسيط" تحقيق سيسي ٢/ ٥٥٤، بنصه.
(٣) أخرجه "الطبري" ١٥/ ١٧٠ بلفظه عن ابن عباس من طريق ابن أبي طلحة (صحيحة)، ومن طريق ابن جريج (صحيحة)، وعن قتادة، وورد بلفظه في "معاني القرآن" للنحاس ٤/ ١٩٩، عن ابن عباس، و"تفسير الماوردي" ٣/ ٢٧٦، عنهما, أورده السيوطي في "الدر المنثور" ٤/ ٣٦٩ وزاد نسبته إلى ابن المنذر عن ابن عباس، وزاد نسبته إلى ابن أبي حاتم عن قتادة.
(٤) انظر: (قتر) في "جمهرة اللغة" ١/ ٣٩٣، و"المحيط في اللغة" ٥/ ٣٦٠، و"مجمل اللغة" ٢/ ٧٤٢، و"اللسان" ٦/ ٣٥٢٥.
(٥) في (أ)، (د)، (ش): (ماله)، والمثبت من. (ع)، وبه يستقيم المعنى، وهو أقرب لما في المصدر.
(٦) ورد في "تهذيب اللغة" (قتر) ٣/ ٢٨٨، بتصرف.

<<  <  ج: ص:  >  >>