للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

والمخافتة (١)، يقال: خَفَتَ صوته يَخْفِت خُفُوتًا وخُفَاتًا، إذا ضَعُفَ وسكن، وصوتٌ خَفِيتٌ، أي: خَفِيضٌ، ومن هذا يقال للرجل إذا مات قد خَفَتَ، أي انقطع كلامه، وخفت الزرع إذا ذَبُلَ ولَانَ، وزرع خَافِت، والرجل يخافت بقراءته: إذا لم يبين قراءته برفع الصوت، وقد تخافت القومُ إذا تشاوَرُوا بينهم (٢)، وقال الجعدي:

ولَسْتُ وإنْ عَزُّوا عليّ بِهَالِكٍ ... خُفاتًا ولا مُسْتَهْزِمٍ ذاهبِ العَقْلِ (٣)

يقول: لست أهلك خفاتًا أي ضعفًا لمصاب من أُصبت به منهم، وإن كانوا أعزة، ولكني أتصبَّر وأتجلَّد، هذا الذي ذكرنا في الجهر والمخافتة بالصلاة مذهب أكثر المفسرين (٤)، ومعنى الصلاة في هذا القول: القراءة، وذلك أن الصلاة لا تصح إلا بقراءة، فسميت القراءة صلاة، كما سميت الصلاة قراءة في قوله: {وَقُرْآنَ الْفَجْرِ} [آية: ٧٨]، وقد مرّ. وفي الآية قول ثان؛ وهو أن المراد بالصلاة الدعاء، وهذا قول أبي هريرة وعائشة ومجاهد (٥).


(١) "معاني القرآن وإعرابه" ٣/ ٢٦٥، بنصه تقريبًا.
(٢) ورد في "تهذيب اللغة" (خفت) ١/ ١٠٦٤، بنحوه، انظر: (خفت) في "المحيط في اللغة" ٤/ ٣١٣، و"الصحاح" ١/ ٢٤٨، و"اللسان" ٢/ ١٢٠٨.
(٣) "شعر النابغة الجعدي" ص ٢٢٥، وورد في "تهذيب اللغة" (خفت) ١/ ١٠٦٤، و"اللسان" (خفت) ٢/ ١٢٠٨، (خفاتًا): ضعفًا وتذَلُّلاً، (مستهزم): جزوع.
(٤) انظر: "تفسير مقاتل" ١/ ٢٢١ أ، و"الطبري" ١٥/ ١٨٤، و"السمرقندي" ٢/ ٢٨٧، و"الثعلبي" ٧/ ١٢٣ ب، و"الماوردي" ٣/ ٢٨١، و"الطوسي" ٦/ ٥٣٤، وقد رجحه الطبري لصحة الإسناد الذي روي به عن صحابي وهو ابن عباس من طريق سعيد، ولآنه أشبه الأقوال بما دلّ عليه ظاهر التنزيل.
(٥) "تفسير مجاهد" ١/ ٣٧٢ بلفظه، أخرجه ابن أبي شيبة ٢/ ٢٠٠ بلفظه، و"الطبري" ١٥/ ١٨٤ بلفظه من طرق عن مجاهد، وورد بلفظه في تفسير الثعلبي ٧/ ١٢٤ أ، و"الطوسي" ٦/ ٥٣٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>