للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وأما وجه نصب قوله: {أَمَدًا} فقال الفراء: (ويكون نصبه على وجهين: إن شئت جعلته خرج من أحصى مفسرًا، كما تقول: أي الحزبين أصوب قولاً، وإن شئت أوقعت عليه اللُّباث للباثهم أمدا) (١).

وقال أبو إسحاق نحو هذا سواء فقال: ({أَمَدًا} منصوب على نوعين: وهو على التمييز إن شئت كان على أحصى أمدا، فيكون العامل فيه أحصى، كأنه قيل: لنعلم أهؤلاء أحصى للأمد أم هؤلاء؟. والوجه الثاني: أن يكون منصوبًا بلبثوا، ويكون أحصى متعلقًا بلما، فيكون المعنى: أيّ الحزبين أحصى للبثهم في الأمد) (٢).

قال أبو علي الفارسي: (إن انتصاب الأمد بالتمييز عندي ممتنع غير مستقيم؛ وذلك أنه لا يخلو من أن يحمل أحصى على أن يكون فعلاً ماضيًا، أو أفعل نحو: أحسن وأعلم، فلا يجوز أن يكون أحصى أفعل، وغير مثال الماضي لأمرين أحدهما: أنه يقال: أحصى يحصى في التنزيل: {أَحْصَاهُ اللَّهُ وَنَسُوهُ} [المجادلة: ٦] وأفعل يفعل لا يقال منه: هو أفعل من كذا، فأما قولهم: ما أولاه للخير، وما أعطاه للدرهم، فمن الشاذ النادر الذي حكمه أن يحفظ لقلته، وسبيل ما كان كذلك أن لا يقاس عليه، ولا جوز أن يكون أحصى أفعل من كذا لهذا. والأمر الآخر: هو أن ما ينتصب على التمييز في نحو: هو أكثر منك مالاً، وأحسن وجهًا، وأغزر علمًا، هو في المعنى فاعل، وإن كان في اللفظ منتصبًا، ألا ترى أن الأمد ليس هو الذي أحصى، فهو خارج عن ما عليه (٣) الأسماء المنتصبة على التمييز،


(١) "معاني القرآن" للفراء ٢/ ١٣٦.
(٢) "معانى القرآن" للزجاج ٣/ ٢٧١.
(٣) في نسخة (ص). (عن حد ما عليه).

<<  <  ج: ص:  >  >>