للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

كرم، وأن الكرم وما أشبهه من الأحداث لا يخاطب ولا يؤمر ولا ينهى، وأنه ليس للأمر هاهنا معنى ولا متوجه، وأيضًا فإنك إذا قلت: يا زيد أكرم بعمرو، فليس يخلو هذا الفعل من أن يكون له فاعل، وفاعله لا يخلو من أن يكون المخاطب أو المتعجب منه، فلو كان المخاطب لوجب أن يجمع الضمير في الفعل ويلحق علامة التأنيث، فلما لم يفعل من ذلك شيء، بل أجروا هذا الفعل بعد المذكر والمؤنث والجمع والتثنية مجرى واحد أعلم أن فاعله المتعجب منه دون المخاطب، وثبت أن الجار مع المجرور في موضع رفع) (١).

هذا الذي ذكره أبو علي أصل هذا الكلام، وشرح وضعه، ثم صار من ألفاظ التعجب حتى لا فصل بين قولك: ما أحسن زيدًا! وقولك: أحسن بزيد، وإذا كان كذلك فقدله تعالى: {أَبْصِرْ بِهِ وَأَسْمِعْ} قال المفسرون: (ما أبصر الله بكل موجود، وأسمعه بكل مسموع) (٢).

وقال ابن زيد: (معناه أنه يرى أعمال أهل السموات والأرض، ويسمع منهم) (٣). هذا الذي ذكرنا إجماع من أهل العلم أن قوله: {أَبْصِرْ بِهِ وَأَسْمِعْ} معناه ما أبصره وأسمعه!.

وروى عطاء عن ابن عباس أنه قال: (معناه أبصر أوليائي بعجائب القرآن، وأسمع به أوليائي) (٤). وعلى هذا {أَبْصِرْ بِهِ وَأَسْمِعْ} المراد به


(١) ذكر نحوه في "الحجة للقراء السبعة" ٢/ ٢٠٥.
(٢) "جامع البيان" ١٥/ ٢٣٢، و"معالم التنزيل" ٥/ ١٦٥، و"النكت والعيون" ٣/ ٣٠٠.
(٣) "جامع البيان" ١٥/ ٢٣٢، و"تفسير القرآن العظيم" ٣/ ٨٩.
(٤) ذكرت كتب التفسير نحوه بدون نسبة. انظر: "زاد المسير" ٥/ ١٣١، و"الجامع لأحكام القرآن" ١٠/ ٣٨٨، و"روح المعاني" ١٥/ ١٥٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>