(٢) هذا الكلام فيه إيهام وإشكال، حيث إن قوله: (والقراءة المعهودة، وهي مخلوقة) في احتمالان: أحدهما: أن يكون قوله: (والقراءة المعهودة مخلوقة) مستأنف -وهي كالجملة المعترضة- وعلى هذا الاحتمال: إن قصد بالقراءة. المقروء فهو باطل، لأن معناه القول بخلق القرآن، وإن قصد بالقراءة صوت القارئ فقوله: (وهي مخلوقة) صحيح، لكن إطلاق هذِه العبارة بدعة لم يستعملها السلف. وكان يمكن حمل كلام الواحدي على هذا، لولا قوله فيما بعد: (وما كان منظوما مؤلفا فمن الواجب أن يكون له في قدرة الله أمثال (فكأنه أراد الخلق، بينما الكلام صفة لله تعالى، والله يتكلم إذا شاء متى شاء. ثانيهما: أن يكون قوله: (والقراءة المعهودة) معطوف على قوله: (النظم المخصوص) فيكون قوله: (وهي مخلوقة) راجع إلى النظم والقراءة، وهذا على رأي الأشاعرة الذين يقولون بقدم الكلام النفسي، أما القرآن المتلو فهو عندهم حادث مخلوق، ولذلك صرح الإيجي في (المواقف) بأنهم يوافقون المعتزلة في أنه مخلوق قال: (قالت المعتزلة: أصوات وحروف يخلقها الله في غيره كاللوح المحفوظ، أو جبريل أو النبي، وهو حادث ..) ثم قال: (ونحن لا ننكره) وقال: (فاعلم أن ما يقوله المعتزلة وهو خلق الأصوات والحروف وكونها حادثة قائمة فنحن نقول به، ولا نزل بيننا وبينهم في ذلك ...) "المواقف": ص ٢٩٣ - ٢٩٤. وجمهور المفسرين وفي مقدمتهم ابن جرير على أن المراد: من مثله في (البيان)، لأنه نزل بلسان عربي مبين، فكلام العرب له مثل في معنى العربية، وأما المعنى الذي باين به القرآن سائر كلام المخلوقين فلا مثل له من ذلك الوجه، ولا =