للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

يكرهون اجتماعهما، فيكون الحذف فيه أمثل منه في (قدي)، فيجوز في الكلام. قلنا: ليس بأمثل؛ لأن المثلين ليسا بلازمين، فلا يستحسن فيهما ما يستحسن في اللازمين من الحذف للتخفيف، على أنه قد يجرى غير اللازم مجرى اللازم في الإدغام نحو: علماء بنو فلان، وكثير من الأحكام. وإجازة (لدني) في الكلام قياسًا على هذا وجيه، والأول أعجب إلينا. وأما فصله بين (لدني)، و (مني)، بأن أحدهما اسم والآخر حرف، فغير صحيح؛ لأنه لو امتنع الحذف في [منِّي وعنِّي؛ لأنهما حرفا معنى لامتنع في إنِّي وأَنني، ولَعَلِي ولَعَلَنِي، وكأني وكأنَنِي، وليتني وليتي فلما لم يمتنع الحذف في] (١) النون من هذه الكلم وهي حروف، دل أن الحذف في النون من منِّي لم يمتنع من حيث كان حرفا , ولذلك لم يجر الحذف في لدني من حيث كان اسمًا , وليس في كون الكلمة اسمًا ما يوجب الحذف منه أو يجوزه فيه، بل ظاهر الأمر يوجب أن تبقية الزيادة في الاسم أولى، إذ الاسم للزيادة أحمل، وإنما امتنع الحذف في مني وعني؛ لأن هذه النون [اجتلبت ليسلم به سكون الحرف كما] (٢) اجتلبت لتسلم به الحركة في ضرني ويضربني، فحذفه هو خلاف ما قصدوا له وإبطاله، والحذف في قدي إنما جاز في الشعر للضرورة، والشاعر إذا اضطر حذف ورد الكلمة إلى الأصل، ولو اضطر فحذف في مني وعني لجاز ذلك أيضًا وكان أمثل من قدي؛ لأنه مثلان في قد، وما لم تجتمع المتماثلة أو المتقاربة لم يحسن الحذف في الكلام، وإنما يجيء في الضرورة، ألا ترى أن ليت لما لم يجتمع


(١) ما بين المعقوفين ساقط من الأصل ومثبت في بقية النسخ.
(٢) ما بين المعقوفين مكرر في الأصل.

<<  <  ج: ص:  >  >>