للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

حواليه جدار؛ وأصله من الرفع، ومنه: أجدرت الشجرة إذا أخرجت في الربيع وأطلعت، ومنه: الجدري (١).

وقوله تعالى: {يُرِيدُ أَنْ يَنْقَضَّ} الإرادة في صفة الجِدَار مجاز على جميع أهل المعاني، ومعناه: قرب أن ينقض، وذلك على التشبيه بحال من يريد أن يفعل (٢).

قال الفراء: (وذلك من كلام العرب أن يقولوا: الجدار يريد أن يسقط) (٣). ومثله قوله تعالى: {ولَمَّا سَكَتَ عَن مُّوسَى الْغَضَبُ} [الأعراف: ١٥٤]، وقوله: {فَإِذَا عَزَمَ اَلأَمْرُ} [محمد: ٢١]، يريد: أن إضافة السكوت إلى الغضب، والعزم إلى الأمر، كإضافة الإرادة إلى الجدار.


= ٤/ ٥١، والترمذي في "جامعه" كتاب: الأحكام، باب: ما جاء في الرجلين يكون أحدهما أسفل من الآخر في الماء ٣/ ٦٤٤، والنسائي في "سننه" كتاب: آداب القضاة باب: الرخصة للحاكم الأمين أن يحكم وهو غضبان ٨/ ١٧٣، والإمام أحمد في "مسنده" ٤/ ٥.
(١) انظر: "تهذيب اللغة" (جدر) ١/ ٥٥٧، "مقاييس اللغة" (جدر) ١/ ٤٣١، "القاموس المحيط" (الجدار) ص ٣٦٢،"الصحاح" (جدر) ٢/ ٦٠٩.
(٢) "النكت والعيون" ٣/ ١٧٥، "المحرر الوجيز" ٩/ ٣٧١، "الكشاف" ٢/ ٣٩٨، "البحر المحيط" ٦/ ١٥١.
وذهب قوم إلى منع المجاز في القرآن، قال الشنقيطي في "أضواء البيان" ٤/ ١٧٩: وزعم من لا علم عنده: أن هذه الأمور لا حقيقة لها، وإنما هي ضرب أمثال زعم باطل؛ لأن نصوص الكتاب والسنة لا يجوز صرفها عن معناها الواضح المتبادر إلا بدليل يجب الرجوع إليه، وبذلك تعلم أنه لا مانع من إبقاء إرادة الجدار على حقيقتها, لإمكان أن يكون الله علم منه إرادة الإنقضاض وإن لم يعلم خلقه تلك الإرادة، مع أنه من الأساليب العربية إطلاق في الإرادة على المقاربة والميل إلى الشيء.
(٣) "معاني القرآن" للفراء ٢/ ١٥٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>